صهيب - أصهب - صهباء

الأصهب هو ذو الصُّهبة وهي الشُّقرة تشوبها حُمرة.

شَعَّ فيكَ الهُدى قوِيّاً مُنيرا
مُنذُ أن كنتَ يا صُهَيبُ صغيرا 
كَرِهَت نفسُكَ الضلالَةَ في الرو
مِ وضاقَت به كثيراً كثيرا
وامتطيتَ الصحراءَ تَبحثُ عن
ظِلّّ وتطوي من الهجيرِ الهجيرا

هذه الأبيات من قصيدة تنتمي إلى ما يسمّى تنشئة الأجيال على مآثر الماضي الإسلامي من خلال التذكير ببعض الشخصيات التي لعبت دوراً مميّزاً في انتشار الدين الحنيف. من هؤلاء الصحابي صُهَيب الرومي الذي تروي القصيدة نبذة من سيرته منذ قدومه من بلاد الروم إلى مكة المكرّمة حتى هجرته إلى المدينة المنوّرة تلبية لدعوة النبي محمّد.

جاء في سيرته أنه يُدعى صُهَيب بن سِنان، كُنيته أبو يحيى وأصله من اليمن من قبيلة النمر بن قاسط. كان أبوه أو عمّه عاملان لكِسرى على الأَبُلّة بالعراق وكانت منازلهم بأرض المَوصِل، فأغارت الروم عليهم فسبت صُهَيباً وهو غُلام فنشأ في الروم. ثم اشتراه بعض بني كلب وباعوه بمكّة لعبد الله بن جدعان التميمي فأعتقه.

وأما أهله فيزعمون أنه هرب من الروم وقدِم مكة. وهذا سبب نسبته إلى الروم مع أنه عربي. حقق صُهَيب ثروة في مكّة ولما أسلم كان من جُملة المستضعفين في مكة الذين عُذّبوا ليتركوا دين الإسلام. وهو الصحابي المشهور بأنه اشترى نفسَه من كفّار قريش بماله ليُخلوا سبيلَه للحاق برسول الله في المدينة.

ولما دخل صُهَيب على النبي هشّ له وبشّ وقال: ربِح البيعُ يا أبا يحيى. وتلقاه الصحابة وهم يقولون: ربح البيع يا صُهَيب. وهو الذي أمره الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطّاب لما دنت وفاته، أن يصلّي بالناس ثلاثاً إلى أن يتفق أهل الشورى الستة الذين عيّنهم على اختيار واحد منهم للخلافة، وانتهت المشاورة باختيار عثمان بن عفّان. وإلى ذلك يشير الشاعر الأموي الكبير الفرَزدق (641 - 733) حيث يقول:

صلّى صُهَيبٌ ثلاثاً ثم أنزلَها
على ابنِ عفّانَ  مُلكاً غيرَ مَقصورِ
وصِيّةً من أبي حَفصٍ لِسِتّتِهم
كانوا أحِبّاءَ مَهدِيٍّ و مأمورِ

وصُهَيب اسم علم مذكّر، مؤنّثه صَهباء، وهو تصغير أصهَب. والأصهَب هو ذو الصُّهبة وهي الشُّقرة تشوبها حُمرة. يقال: صَهِبَ، يَصهَب، صَهَباً وصُهبةً وصُهوباً، وأصهَب، إصهاباً، الشعرُ: كانت فيه حُمرة أو شُقرة، فهو شعر أصهب.

وقيل: الصهوبة أو الصُّهبة هي لون حُمرة في شعر الرأس واللحية إذا كان في الظاهر حُمرة وفي الباطن اسوداد. وكذلك لون الإبل فيقال: جمل أصهب وصُهابي وناقة صَهباء وصُهابية. وصهباء اسم للمرأة قديم. وفي إحدى المسمّيات به يقول الشاعر عبد الله بن جحش (580 - 625):

يا دارَ صَهباءَ التي لا أنتهي
عن ذِكرِها أبداً ولا أنساها
عَذبٌ مُقَبَّلُها وثيرٌ رِدفُها
عَبلٌ شَواها طَيّبٌ مَجناها

والصهباء: الخمر، سُمّيت بذلك للونها. وكثيراً ما يرد ذكر الخمر بهذه الصفة أو الاسم لدى الشعراء. من ذلك قول الشريف المُرتضى (966 - 1044):

وفِيَّ ضِدّانِ لا أسطيعُ دفعَهما
نارٌ بِقلبي وماءٌ بِالهوى سفَحا
صحا الذي يشربُ الصهباءَ مُترَعةً
وشاربُ الحُبِّ أعيا أن يُقالَ: صحا

ومن ذلك قول عرقلة الكلبي الدمشقي (1087 - 1172):

هذا الحبيبُ وهذهِ الصهباءُ
عَذْلُ المُصِرِّ عليهما إغراءُ
يا قاتِلاً كأسي بِكثرةِ مائهِ
ما الحَيُّ عندي والقتيلُ سَواءُ
بالماءِ يحيَ كلُّ شيءٍ هالِكٍ
إلا الكؤوسَ هلاكُهنَّ الماءُ