شمس
الشَّموسُ مِن النساء التي لا تُطالِع الرجالَ ولا تُطمِعهم. والشُّمْسُ مِن الرجال الأُباةُ الممتنعون.
أنيري مكانَ البَدرِ إن أفَلَ البدرُ
وقومي مقامَ الشّمسِ ما استَأخرَ الفَجْرُ
وفيكِ مِنَ الشّمسِ المُنيرةِ نُورُها
ولَيسَ لها مِنكِ التِّبَسُّمُ والثَّغْرُ
ومِنْ أينَ لِلشّمسِ المُنيرةِ بِالضُّحَى
بِمَكحولَةِ العَينَينِ في طَرفِها فَتْرُ
هذه الأبيات من قصيدة لقَيس بن المُلوَّح (645 - 688)، المعروف بمجنون ليلى نسبة إلى حبيبته. نشأ في نجد وأحبّ ابنة عمّه ليلى العامرية منذ الطفولة، فلما كبِرا خطبها من أهلها فرفضوا تزويجه بها فأُصيب بلَِوثة. ثم هام على وجهه في البراري والقفار ينشد الأشعار التي يعبّر فيها عن حبه لليلاه. وكان يُرى حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في الحجاز. وأخيراً عُثر عليه ملقًى بين أحجار وهو ميت.
في الأبيات أعلاه يطلب قيس إلى ليلى أن تنير ليلَه متى غاب القمر الممتلئ، وأن تطلع بدل الشمس إن تأخر
الفجر. ويضيف: لك من الشمس نورها وليس لها ثغر كثغرك يفترّ عن ابتسامة ساحرة، وأين للشمس المنيرة في أوج ظهورها أن يكون لها من الحُسن ما للجميلة الكحلاء ذات النظرة الناعسة.
والشمس هي النجم المعروف الذي ينير نهار الأرض ويبثّ فيها الحرارة ويبعث أسباب الحياة، ومنها يستمدّ القمر نوره ليلاً. وقد ورد ذكر الشمس والقمر في عدّة آيات من القرآن الكريم ومنها في سورة يس: "لا الشمسُ يَنبغي لها أن تُدرِكَ القمرَ ولا الليلُ سابِقُ النهارِ وكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ".
ويُشتَق من الشمس فعلٌ فيقال: شَمَسَ يومُنا، يشمِس ويشمَس شمْساً، وشمِس، يشمَس، شَمَساً، وأشمَس، يُشمِس، إشماساً: إذا ظهرت شَمسُه، فهو يومٌ شامِس ومُشمِس. والشمِسُ والشَّموس من الأيام: ذو الشمس لا غَيم فيه. وتصغير شمس: شُمَيس، وجمعها شُموس.
وغالباً ما يُكنى بالشموس والأقمار عن الحِسان والصِّباح الوجوه من النساء والرجال. من ذلك قول البهاء زُهَير (1186 - 1256):
سقاكِ صَوبَ الحَيا يا دارُ، يا دارُ
فكم تقضّت لِقَلبي فيكِ أوطارُ
عَهِدتُ رَبعَكِ مأنوساً يُغازِلُني
فيهِ شُموسٌ مُنيراتٌ وأقمارُ
وتُشبّه المرأة الحسناء بالشمس في البهاء والوَضاءة والبُعد. وفي ذلك يقول صفِيّ الدين الحِلّي (1276 - 1349) متمنياً على الحبيبة ألا تطيل غيابها، وأن تكون عادلة كالشمس حضورها بقدر غيابها:
يا مَن حكَت شمسَ النهارِ بِحُسنِها
وبِعادِ مَنزِلِها وبهجةِ نورِها
هلّا عدلتِ كعَدلِها إذ صَيّرَت
للناس غَيبَتَها بِقدرِ حُضورِها
ويقول عبّاس بن الأحنف (750 - 809):
هيَ الشمسُ مسكنُها في السماءِ
فَعَزِّ الفؤادَ عزاءً جميلا
فلن تستطيعَ إليها الصعودَ
ولن تستطيعَ إليكَ النُّزولا
ونعود إلى الشمس في الاستخدامات اللغوية. يقال: دخلت الشمسُ البيتَ، أي دخل شُعاعُها. وتشمّس الشخصُ، إذا قعد في الشمس. وشَمّسَ الشيءَ: بسطه في الشمس. وضربة الشمس: ارتفاع في الحرارة يصيب مَن يتعرّض لحرارة الشمس القوية. وعبّاد الشمس: نوع من الزهور يتجه دائماً ناحية الشمس، ويقال له أيضاً: دوّار الشمس.
والشمّاس رتبة كنسيّة دون القِسّيس، والكلمة سريانية معناها الخادم.
والشَّموسُ مِن النساء التي لا تُطالِع الرجالَ ولا تُطمِعهم. والشُّمْسُ مِن الرجال الأُباةُ الممتنعون. مِن قولهم:
شَمَسَ الرجلُ، يشمُس، شُموساً، إذا امتنع وأبى. والشَّموس مَن كان صعبَ الخُلُق، والعَسِرُ في عداوته. وقد شَمِسَ، يشمَس، شَمَساً: إذا بَدت عداوته فلم يقدِر على كتمها.
وذُكاءُ اسم علم للشمس وهو معرفة لا ينصرف ولا يدخله الألف واللام. قيل سمّيت بذلك لأنها تذكو كما تذكو النار. والغزالة اسم للشمس من لحظة طلوعها إلى إلى الضُّحى.
وشمس اسم علم مشترك بين الرجال والنساء قديم ولا يزال متداولاً. ومن أسمائهم: شُمَيس تصغير شمْس،
وشَميس، وشَمّاس، وشَموس للمرأة. وعبد شمس اسم مركّب بالإضافة. وأبو فرع من قبيلة قُرَيش هو عبد شمس بن عبد مَناف. وإلى ابنُه أُمَية بن عبد شمس ينتسب الأُمَويون وهم بنو أمَيّة.
وشمسُ الدين اسم مركّب بالإضافة وهو في الأصل من الألقاب. قال صفِيّ الدين الحِلّي في أحد الوُجهاء وقد أطفأت الريحُ شمعة كانوا يتسامرون على ضوئها:
ومُذْ أطفأَ الشمعَ النسيمُ بمجلِسٍ
بهِ نورُ شمسِ الدينِ كالشمسِ ساطِعُ
عَذَرنا وقُلنا ما أتى بِبَديعةٍ
لأنّ اشتِعالَ الشمعِ في الشمسِ ضائعُ