دومة - دينة

دومة اسم عربي مشتق من الدوام والديموية بمعنى السكون والثبات والاستمرار، ومعناه في العِبرية: سكوت، وهذا قريب من ذاك.

هل عاجِلٌ مِن مَتاعِ الحَيّ مَنظورُ
أم بيتُ دُومَةَ بعد الإلفِ مَهجورُ
قد قُلتُ لِلرّكبِ لولا أنهم عَجِلوا
عُوجوا علَيَّ فَحيّوا الحَيَّ أو سِيروا

هذان البيتان من قصيدة لأَوس بن حَجَر (530 - 620) من كبار شعراء قبيلة تميم قبل الإسلام. كان كثير الأسفار وأكثر إقامته عند ملك الحيرة عمرو بن هند. عاش زهاء 90 عاماً. وهو شاعر غَزِل يمتاز شعره بالحكمة والرقّة. البيتان أعلاه مطلع قصيدة طويلة بدأها بالوقوف على أطلال ديار الحبيبة التي تُدعى دُومة، متسائلاً أما زال بيتها مسكوناً أم بات مهجوراً، ويطلب من صحبه في السفر أن يتوقفوا لإلقاء نظرة أخيرة على الحيّ قبل أن يواصلوا المسير.

إن اسم هذه الحبيبة دُومة هو الذي نتوقف عنده لنلقي عليه نظرة نستطلع بها معناه من خلال المادة اللغوية التي اشتُقّ منها وهي الدال والواو والميم، وتدلّ على السكون واللزوم. يقال: دام الشيءُ يدوم، دوماً، ودواماً، ودَيمومة، إذا سكن، وثبت واستمرّ. ودام الماء: سكن، وهو ماء دائم. ودام  على الأمر، وكذلك داوم عليه: واظب. ومنه تدويم الطير في الهواء إذا حلّق ودار. ومنه دوام المطر، إذا تتابع نزوله. والديمة: المطر يطول زمانه من دون انقطاع. والدُومة نوع من الشجر ضخم من الفصيلة النخلية له قشر صلب وثمر غليظ، ولعلّه سمّي بذلك لسكونه وثباته، وربما سمّت العرب المرأة دومة بهذا النوع من الشجر. 

ودُومة الجَندل واحة في الجزيرة العربية وبها كانت غزوة المسلمين لبني قريضة في السنة الخامسة للهجرة. ودومة اسم بلدات عدّة منها دومة بالكوفة ودومة من قرى غوطة دمشق، ومواضع أخرى. يقول الشاعر العباسي مهيار الدَّيلمي (ت 1037) في بعضها:

أُسائلُ بانَ دومةَ عن فؤادي
وقد أودعتُه سَمَرَ اليمامهْ
مَنِ الساري تجدّ به بِنَجْدٍ
أضاليلُ السُّرى عَقِبَ السآمهْ

وقد ورد اسم دومة في العهد القديم بمعنى "سكوت" في سفر التكوين وأنه اسم الابن السادس لإسماعيل.

قلنا إن دومة اسم عربي مشتق من الدوام والديموية بمعنى السكون والثبات والاستمرار، ومعناه في العِبرية: سكوت، وهذا قريب من ذاك. فمن معاني السكوت في العربية: الصمت، والركود، وكلاهما يدلّان على السكون وانقطاع الحركة.

وهناك اسم آخر مشترك بين اللغتين هو اسم دِينة الذي نتوقف عنده لنشير إلى معناه واشتقاقه، علماً أنه يكتب أحياناً "دينا" بتأثير الكتابة الأجنبية لما يماثله من أسماء تنتهي أصلاً بتاء مربوطة تُحوّل إلى ألف.

ودينة اسم علم مؤنّث، معناه بالعربية الطاعة والعادة. من الجذر اللغوي المؤلف من الدال والياء والنون، يدلّ على جنس من الانقياد والذُّلّ. فالدِّين: الطاعة. يقال: دانَ له يَدين، دِيناً، إذا أطاعه وانقاد له. ومن هذا الباب الدَّين لأن فيه ذلّ المَدين أمام الدائن. والدِينُ اسمٌ لما يُعبد به الله ومنه قُرآناً "إنّ الدِّينَ عندَ اللهِ الإسلامُ". والدّيّان: من أسماء الله الحُسنى، قيل: لِشدّة قهره وغلبته، أو لمُجازاته بالخير والشرّ. والدَينونة: القضاء والحساب.

وإذا كان اسم دينة مأخوذ من العِبرية فمعناه "دَينونة" بما تتضمّنه الكلمة من معنى القضاء والحساب. جاء في قاموس الكتاب المقدّس أنه كان ليعقوب ابنة من زوجته ليئة اسمها دينة ولم يكن له من بنات سواها. وبينما كان يعقوب ماراً على بلدة سالم في شكيم "رآها أمير البلاد شكيم بن حمور  فأغواها وأذلّها ثم طلب أن يتزوّجها فأبى إخوتُها إلا إذا اختتن جميعُ الذكور في تلك المدينة. ولما تحقق شمعون ولاوي (ابنا يعقوب) من أن أهل شكيم يتوجّعون بسبب اختتانهم وأنهم لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم هجما على المدينة وقتلا حمور وشكيم ونهبا المدينة وسبيا الأطفال والنساء".