الكونت "نتنياهولا" لا يرتوي من دماء غزة!
بين مجزرة باروخ القديمة ومجزرة الفجر تلك وغيرها من المجازر المتواصلة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يقف بنيامين نتنياهو في كواليس التاريخ، يرتشف كأساً من دماء الأبرياء، ويبتسم ابتسامة الرضى عن أدائه.
منذ 30 عاماً، افتتح باروخ غولدشتاين المجازر ضد المصلين الفلسطينيين حين اقتحم - بتسهيلات من "جيش" الاحتلال الإسرائيلي - الحرم الإبراهيمي، وفتح النار على الناس متسبباً باستشهاد العشرات منهم . فجر السبت 10 آب/أغسطس الماضي، استيقظ العالم الصامت على خبر ارتكاب "إسرائيل" مجزرة أخرى فظيعة في مصلى في مدرسة "التابعين" في غزة راح ضحيتها أكثر من 100 من المصلين وعشرات الجرحى أثناء صلاة الفجر.
بين مجزرة باروخ القديمة ومجزرة الفجر تلك وغيرها من المجازر المتواصلة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يقف بنيامين نتنياهو في كواليس التاريخ، يرتشف كأساً من دماء الأبرياء، ويبتسم ابتسامة الرضى عن أدائه.
كل يوم، تتحوّل شاشات التلفاز إلى لوحات سريالية، ترسم بألوان الدم والدمار مشاهد من غزة، وكأن العالم تحوّل إلى جمهور مُتبلد الإحساس، يشاهد هذا "العرض" الدموي من دون أن يرف له جفن. هل اعتاد العالم فعلياً على "السيرك الدموي" لنتنياهو، أم أنه فقد القدرة على التمييز بين الواقع والخيال في هذه الحكاية المجنونة من بطولة مصاص الدماء المعاصر؟
منذ فترة بسيطة، نشرت صحيفة "لا بريس" الكندية رسماً كاريكاتيرياً صوّرت فيه بنيامين نتنياهو كمصاص دماء، وهو ما جرَّ عليها هجوماً دفعها إلى حذف الرسم والاعتذار عن جرحها لمشاعر رئيس وزراء الاحتلال. واستمدت الصحيفة - التي تصدر بالفرنسية - الرسم من غلاف فيلم "الكونت دراكولا"، مصاص الدماء الأسطوري الذي أنتج عام 1922.
وعنونت الصحيفة الرسم بـ"نوسفينياهو (الكونت دراكولا) في طريقه إلى رفح"، فتعرضت لهجمة عنيفة تتهمها بمعاداة السّامية. لكن، هل نتنياهو هو فعلاً مصاص دماء أم لا؟ لكي نجيب عن هذا السؤال ينبغي لنا أن نتبع المنهج العلمي ونقارن بين قدرات مصاصي الدماء وقدرات نتنياهو.
تُظهر العديد من الروايات أن مصاصي الدماء يعتمدون في تغذية أجسادهم على دماء البشر. يبدو واضحاً للعيان أن نتنياهو قد أخذ دورة تدريبية مكثفة في "فن امتصاص الدماء للمحترفين"، وتخرج بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى.
لقد قتل نتنياهو حتى الآن أكثر من 40 ألفاً من الفلسطينيين وتسبب بعاهات دائمة لعشرات الآلاف من الجرحى (هذا الرقم يزداد يومياً و يجب أن لا ننسى آلاف المفقودين الذين ما زالوا تحت الركام).
يُشاع أيضاً بأن مصاصي الدماء يتمتعون بقوى خارقة، وكلنا نعرف أن نتنياهو يمتلك أقوى الأسلحة التي تفتقت عنها العقول البشرية الشريرة من صواريخ ودرونز وطائرات حربية مخيفة وقنابل دخانية وفوسفورية. ناهيك بكنزه الأعظم، القنبلة النووية، التي ربما يخطط لرميها علينا يوماً ما. لقد تجاوز نتنياهو قدرات "سوبرمان" و"باتمان" مجتمعين، كما أنه حدّث من قواه (أبديت) وأدخل تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدمها لتدمير غزة عن بكرة أبيها.
يشتهر مصاص الدماء بقدرته الفائقة على التحرك والتنقل من مكان إلى آخر، ويقال إن نتنياهو يستطيع الانتقال من "تل أبيب" إلى واشنطن أسرع من انتقال الأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي. لقد رأينا كيف سافر مسرعاً إلى الولايات المتحدة لطلب المساعدة ولعب دور الضحية المظلومة المنتهكة أمام سكان الكوكب. يتميّز أيضاً مصاص الدماء بقدرته على الشفاء السريع من الإصابات.
وهنا، نتذكر جميعاً أنه أصيب بفتق ما منذ بضعة شهور، وأجريت له عملية جراحية تكلّلت بالنجاح التام، بالرغم من ملايين الدعوات والابتهالات من المؤمنين لكي يرسله الله إلى الجحيم رأفة بالبشرية. ولو كان نتنياهو موجوداً في العصور الوسطى، لاتهموه بالسحر الأسود بسبب سرعة شفائه. ومن يدري، ربما هذا الرجل يتغذى على دموع أعدائه وأحزانهم ويحافظ على شبابه الدائم.
كذلك تدّعي بعض الروايات والأفلام أن مصاصي الدماء لديهم القدرة على تحويل الآخرين أيضاً إلى مصاصي دماء مثلهم. هذا الأمر ينطبق بشدة على نتنياهو، فهو حوّل وزراء حكومته وأفراد "جيشه" وجزءاً لا يستهان به من مستوطنيه إلى مصاصي دماء متوحشين ومتعطشين دائماً للمزيد والمزيد من دماء غزة. لكن، تجدر الإشارة إلى أن الذنب لا يقع فقط على نتنياهو، بل يجب أن نعترف بأن وزراءه وجنرالاته لديهم ميول جينية طبيعية للتحوّل إلى أفراد من عائلة "دراكولا".
يقال أيضاً إن مصاصي الدماء لديهم قدرة على التأثير في عقول البشر والسيطرة عليها. لقد رأينا جميعاً كيف سيطر نتنياهو على أعضاء الكونغرس وكيف استمعوا إليه مدهوشين وكيف صفقوا بإعجاب لكل كلمة وحرف نطقت به شفتيه. كما رأينا كيف سيطر الرجل على كبريات وسائل الإعلام وجعلها تبث سردياته عن الحرب وتبرر مجازره هنا وهناك. هذا يؤكد للجميع بأن نتنياهو يمتلك عصا سحرية خفية يلوح بها أمام السياسيين والإعلاميين، فيتحوّلون فجأة إلى ببغاوات تردد كل ما يقول.
كما يشتهر مصاصو الدماء بقدرتهم على التحول إلى حيوانات. وهل يشك أحد في العالم العربي بــ "حيوانية" نتنياهو وقدرته على التوحش؟ من المعروف أيضاً أن مصاصي الدماء لديهم ضعف تجاه شيء معين مثل أشعة الشمس أو الثوم. حسناً، لسنا متأكدين بالنسبة إلى تأثير الشمس والثوم على نتنياهو،لكننا نعرف أنه يضعف بشكل خاص أمام زوجته الكونتيسة سارة. هذه المرأة هي كريبتونايت نتنياهو الخاص، لدرجة أنه يقال إنه يفقد قواه الخارقة عندما تنظر إليه بعينيها الذابلتين.
أخيراً، يشتهر مصاصو الدماء بكونهم شخصيات جذابة وساحرة. يجب أن نتفق جميعاً بأن "بيبي" جذاب ولو لم يكن كذلك، لما استطاع جذب الكثير من المتصهينين حول العالم للدفاع عنه وعن ممارساته الهمجية. لا شك في أن نتنياهو نجح في تحويل السياسة العالمية إلى مسلسل "مصاصي دماء" طويل، حيث هو البطل والضحية في آن واحد. وربما حان الوقت لظهور صائد مصاصي دماء لإنقاذ العالم من "بيبي" وزمرته.