أحقاً هو ينبض؟
إلتقينا صدفة وأنت عائدة من المدرسة الثانوية، تقفزين مع الفراش. قد لا تذكرينني. كنت دائماً أعيش في الجانب الآخر. طالما أخبرت الجميع باسمك. كنت خائفاً ومتردداً في الحديث إليك.
كانت والدتك تصحبك في زيارتها لنا كثيراً. مرة أهديتك مجموعة من المكعبات الخشبية، كانت قد اشترتها أمي لتعليمي الأحرف الانكليزية. أول حرف أهديته من قلبي (ب).
الأحداث المتوالية غيّرت مدننا. كنت تمشين مع أسرتك بمحاذاة ضفة النهر بين تلال شديدة الانحدار ترتفع في كلا الاتجاهين. وصلتم إلى الحدود. حتى عدتم من دون منطق! ولكن، هل عدتِ لأجلي؟
التقينا صدفة وأنت عائدة من المدرسة الثانوية، تقفزين مع الفراش. قد لا تذكرينني. كنت دائماً أعيش في الجانب الآخر. طالما أخبرت الجميع باسمك. كنت خائفاً ومتردداً في الحديث إليك.
مرت سنوات، وأنا أسير خلفك مثل الظل. مرة رسمت لك قلباً وسهماً على مسند المقعد الدراسي لعلك تلاحظين. ومرة تركت رسالة بين أحد الدفاتر التي تركتها خلال الاستراحة في باحة الكلية. اتضح في ما بعد أنها سقطت من دون قصد.
كنا وحدنا عند الأخاديد النهرية عندما بدأ الكسوف. وضعنا نظارات ورقية صغيرة ذات عدسات داكنة. كان وجهك مملوءاً بالدهشة مع ظهور أول نتوء صغير لظلام القمر الأسود على الشمس، كان ينمو وينمو. وفي قلبي ينمو معه شيء آخر. قشعريرة أذهلت ذراعي. كان الجو بارداً. اقتربت أكثر. تخيّلت تلامس مرفقينا. ارتجفنا. سرعان ما ضربت مخالب الضوء الأرض وتوهج خدك.
تمنيت بشدة، في تلك اللحظة، أن أسكن فيه.
تقاطعت طرقنا بعد ذلك. لم نجد ما نبحث عنه. كانت الحياة تضربنا في كل اتجاه. روحك تذبل. روحي تبحث. حتى حانت لحظة الحقيقة. التقينا صدفة على موقع انستغرام. تحدثنا كثيراً وشرح كل منا قصته الملتوية والمعقدة. كنت أنا أكثر تعقيداً في خوفي من الحب مجدداً.
الصباحات والأماسي كانت ملأى بالرسائل النصية. شعرت بألفة لم أشعر بها منذ سنوات. مع ذلك أخطأت كثيراً في حقك. كرهت نفسي بل جلدتها بشدة وقسوة.
في رأس السنة الجديدة كان الجو بارداً جداً. كنت هناك عند زاوية الشارع أنظر إليك. ترتدين معطفاً أسود. الشيء الفريد وسط البياض. تغرف يداك ندفات الثلج لترميها إلى الأعلى، تلعبين مع طفلك الجميل. كان هناك ثلج على رموشك وحاجبيك ونعومة وجهك.
أردت القول: "سنة جديدة سعيدة".
كان العشاق في الجانب الآخر يقبل بعضهم بعضاً. أردت أن أنحني لأضع شفتي على جبهتك، وأقول: أحبك. ولكن .. لم أصل إليك.
لفترة من الوقت كان عالمي يدور كما لو كنت ثملاً. ريح عذابك تعصف في قلبي، بل صفعت كل الحكايا القديمة التي طاردتني وربما طاردتها بلا جدوى.
لم يكن هناك سوى هواء بارد بيننا، والعاصفة الثلجية دخلت في اتجاه التلال والأخاديد والمنزل وأينما ذهبت بعد ذلك. حتى ابتسامتي كانت منقوصة خلال حفل توقيع روايتي. هل تعتقدين بعد كل هذا أن في إمكاني دفن شيء على قيد الحياة؟ أحقاً هو ينبض؟