"ناجيات من الرماد".. فيلم فلسطيني يوثّق المعاناة اليومية للمرأة الغزية
يوثق فيلم "ناجيات من الرماد" مرارة وجع المرأة الفلسطينية وما تتعرض له من انتهاكات وحشية، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، وذلك عبر شهادات نساء فلسطينيات يروين أوجاعهن ومرارة نزوحهن المستمر وأحلامهن المؤجلة.
لا ألم يُضاهي ألم الفقد، ولا ذكرى أبشع من ذكرى رحيل فلذة الكبد، ولا حُزن يَفوق حُزن الموت، ولا كلمة تخفف الوجع، ولا تملك الأم في كل هذا سوى الصبر والدموع التي لن تفارقها.
هكذا كانت الصورة عند سماع شهادة سماح النزلة، الفلسطينية التي تحدثت عن استشهاد أطفالها، في واحد من مشاهد الفيلم الوثائقي "ناجيات من الرماد " لمخرجته الفلسطينية، ناهد أبو طعيمة.
وعرض الفيلم، أمس الخميس، في "معهد الصحافة وعلوم الاخبار" في تونس العاصمة، بالشراكة مع "منتدى الاعلاميات التونسيات".
وكان الفيلم مناسبة لطرح النقاش بين طلاب الاعلام حول حقوق المرأة الفلسطينية في ظل ما تعيشه من اضطهاد وظلم، وفي ظل تبجح الغرب بمواثيق حقوق الانسان وحريته.
ويوثق الفيلم مرارة وجع المرأة الفلسطينية وما تتعرض له من انتهاكات وحشية، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، وذلك عبر شهادات نساء فلسطينيات يروين أوجاعهن ومرارة نزوحهن المستمر وأحلامهن المؤجلة.
تنوعت القصص والوجع واحد
أرادت ناهد أبو طعيمة من خلال فيلمها توثيق معاناة النساء من منظور إنساني ونسوي، وتوثيق تفاصيل قد تكون غابت عن التغطيات الاعلامية، بحسب قولها.
وأكدت في تصريح لــ "الميادين الثقافية" أن الفيلم "محاولة لتسليط الضوء على كل الانتهاكات التي تتعرض لها النساء من قبل الاحتلال، حيث تؤكد الأرقام أن 70% من شهداء غزة هم من النساء والأطفال.
وأوضحت المخرجة الفلسطينية أن هذا "استهداف مقصود من قبل الاحتلال للأرحام حتى لا يولد جيل جديد يرث المقاومة"، علماً أن الفيلم "لخّص 200 يوم من الحرب حيث تم تصويره على مدى 6 أشهر".
وتضمن الفيلم (10 دقائق) قصص وشهادات متنوعة، اشتركت كلها في الوجع وعكست مدى تفاقم المعاناة اليومية للمرأة الغزية، خصوصاً في ظل تواصل الحرب الإسرائيلية منذ أكثر من عام، والتي لا تفرق بين امرأة ورجل ولا بين كبير أو صغير، حيث الكل وجبة شهية لآلة الحرب الصهيونية.
وعلى الرغم من كل الأوجاع والاحزان، لا يمكن التغافل أيضاً عن صمود المرأة الغزية التي ظلت تقارع في معترك الحياة. فهي كطائر الفينيق الذي ينبعث من رماده. إذ تخرج المرأة الغزية والفلسطينية عموماً من الموت إلى الحياة متشبثة بأسرتها، ومتحدية مخطط الاحتلال وسياساته الرامية إلى إفراغ الفلسطيني من انتمائه وارتباطه بوطنه، فهي باقية ما بقي الزعتر والزيتون.
إعتداءات جنسية.. وصمود ومقاومة رغم الوجع
ويسلّط "ناجيات من الرماد" الضوء أيضاً على المعتقلات من غزة، من خلال بث تلك الصورة الشهيرة التي أظهرت امرأة معصوبة العينين، في آلية لجيش الاحتلال وهي معتقلة رفقة عشرات الرجال بعد تعريتهم.
وفي هذا السياق، تطرق الفيلم الى تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تؤكد تعرّض المعتقلات الفلسطينيات في غزة للاغتصاب، ولأشكال متعددة من الاعتداءات الجنسية، حيث اعتقل الاحتلال مئات النساء منذ بداية الحرب.
وأشارت إحصاءات سردتها المخرجة في عملها الوثائقي، إلى أن 10 آلاف امرأة قتلهنّ الاحتلال في حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، كاشفة أنه في حال تواصل الحرب، فسيتواصل قتل 63 امرأة يومياً بالمتوسط الحالي، منهن 37 أمّاً كل يوم، ما سيؤدي إلى تدمير آلاف الأسر وتشريد آلاف الأطفال.
كما أشارت أبو طعيمة إلى أن إحصاءات هيئة الأمم المتحدة للمرأة التي عرضها الفيلم تكشف نزوح نحو مليوني شخص، بينهم نحو مليون امرأة في غزة، حتى نهاية الشهر الخامس من العام الحالي، والسابع منذ الحرب المتواصلة حتى الآن.
وبينتّ المخرجة الفلسطينية أنها أرادت من فيلمها أن يكون "دعوة للكرامة والحرية في فلسطين ولبنان ويلفت الأنظار إلى عديد الأسئلة اليومية للنساء جراء عدم الاستقرار والنزوح المستمر، في ظل عدم توفر الماء والدواء والطعام وغياب أبسط مقومات الحياة".
ومزج الفيلم بين الشهادات والأرقام مفسحاً المجال لسرد قصص من الواقع، فكان مؤثراً بشكل كاف ليوصل إلى العالم مدى وجع المرأة الفلسطينية، لكنه حمل بين طيات كل قصة قوة وصمود ومقاومة من أجل حق تاريخي وثبات على أرض فلسطين.