"كاليغولا".. النص والممثل وحدة لا تنفصم
أطلق الكاتب علي مطر عملاً مسرحياً جديداً بعنوان "كاليغولا" لعب فيه شخصية "وان مان شو" لرجل يرى العالم من حوله فوضى ورفض وقبول مع مشاعر متناقضة تختصر ملامح إنسان اليوم التائه بين الأسئلة والمفارقات من دون إجابات شافية.
-
علي مطر كاتباً وممثلاً في كاليغولا
لا ينفصم النص عن الممثل على الخشبة بإدارة المخرج جان عبد النور، في مسرحية "كاليغولا"، الحال واحد رغم أنّ الأزمات أكثر من أن تحصى، يتم طرحها من خلال نص متدفق، صريح، متلون، لا نسق مستقيماً له، فهو يتفرع على الدوام إلى قضايا ومسائل لا نهاية لها، وهي تُطرح علّ وعسى تهتدي إلى بر خلاص، لكنها لا تبلغه، فتتابع بلا ملل في عملية بحث عن خيوط نور تضيء بعض العتمة، لكن يتم الانتقال إلى مرافئ أخرى لها همومها وعقباتها وأشواكها.
-
إضاءة ميلاد طوق تحتضن الممثل
على خشبة دافئة حميمة، عتيقة لكن فيها خصوصية الزمن الجميل حين كانت الصالات الشعبية أساس الخشبات المرغوبة جماهيرياً. إنها خشبة مسرح سينما "رويال" في منطقة برج حمود بالعاصمة بيروت، التي ترفع ملصق فيلم الموسيقار فريد الأطرش وشقيقته أسمهان – التي حظيت أخيراً بتمثال نصفي في حديقة دار أوبرا القاهرة قدمته جمعية محبي فريد الأطرش – بعنوان: إنتصار الشباب – المنتج عام 1941 – وفي الصالة النموذجية توزعت المقاعد بطريقة المرابع حيث المقاعد وثيرة متباعدة لكنها منتظمة ولافتة، في هذا التكوين عرضت "كاليغولا".
-
الشخصية تأخذ مساحة في دائرة القمر
علي مطر على الخشبة يمثل وحده، لكن تحضر الشابة عشتروت عون، مع طارة معدنية تؤمن إيقاعات متنوعة تنسجم مع مناخ العمل في صعوده وتلونه وحرارته وتنساق مع صمته من حين لآخر، بحيث تتحول إلى كتلة بشرية تتشكل وفق الحالة التي تسود النص، فحيناً تضرب على الطارة، وحيناً تصغي معنا إلى تأوهات أقرب إلى المؤثرات الخاصة، وأخرى تجنح إلى الراحة بأخذ مساحة رحبة من خلفية المسرح لحركتها البطيئة المدروسة، تواكبها إضاءة – صممها مدير التصوير ميلاد طوق - حريرية تسمح لها بحضور شفاف، بينما السينوغرافيا – ليلى حاوي - تشمل أحضاناً قمرية لـ 12 شكلاً دائرياً بإضاءات مختلفة تحرك بينها مطر هادئاً حيناً ملاكماً أحياناً في محاولة لقتل الرتابة وإنعدام آفاق الحلول من محيطه ليكون مع كل حال واحداً مختلفاً يتقدم إلينا بجعبة جديدة.
الثوب الذي رتداه مطر من تصميم، إريك ريتر، يُظهره قديساً أو لورداً غير بورجوازي، ليتماهى مع عبارات النص التي تمزج بين الصور الشعرية والمفردات الواقعية التي توصّف كل الميدانيات على ما هي عليه، ليبقى الانسجام حاضراً بعمق بين الممثل ونصه وهما واحد على كل حال.