نال جائزة في برلين.."معجزة غزّة" لهالة بو صعب: غناء أعلى من هدير الطائرات

منذ تاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وكل ما يخرج علينا من غزة قاسٍ بما يتجاوز قدرة الإنسان على التعايش معه. قتل وتدمير وتهجير وتجويع على مدار الساعة.

ولأن القصص من غزة تكاد لا تُحصى، قررت المخرجة اللبنانية، هالة أبو صعب، أن توثّق إحداها. أن تقدم لنا قصة واحدة كفيلة بأن تسترد الضحية كيانها الإنساني كاملاً من تجريدية نشرات الأخبار والعواجل. الإنسان الذي يتعرض للإبادة الإسرائيلية في غزة ليس رقماً فحسب، بل وجهاً وصوتاً وصموداً، حتى وإن بات موته اليومي مألوفاً للبعض.

هكذا بدأت فكرة فيلم "معجزة غزّة" الذي نال جائزة ضمن فعاليات مهرجان "Around International Film Festival" الذي اختتم أمس الإثنين في العاصمة الألمانية برلين.

وتقول بو صعب: "استوحيت فكرة الفيلم من قصة هزّتني بعمق. إنها قصة حليمة، طفلة غزيّة في السادسة من عمرها، ظُنّ أنها فارقت الحياة بعد غارة جوية إسرائيلية، ثم وُضعت في براد المستشفى ودُفنت في القبر ساعتين قبل أن تعود إلى الحياة".

وتضيف: "في مكان أصبح فيه الفقدان أمراً مألوفاً، بدا لي نجاة حليمة كفعل هادئ من المقاومة، كمعجزة تتحدّى اليأس".

ومن خلال هذا الوثائقي (52 د.)، تشرح بو صعب: "سعيت إلى تجاوز العناوين والأرقام، للكشف عن الوجوه والأصوات وصمود أطفال غزّة؛ أولئك الذين سُرقت براءتهم، لكنهم ما زالوا يحلمون ويغنّون".

هالة بو صعب، المخرجة التي تؤمن بأن السرد الإنساني يجسر المسافات التي تعجز السياسة عن ردمها، قدمت عملاً فنياً يحكي رحلة نجاة حليمة "من خلال عينيها، وعبر أصوات الذين أنقذوها، وساعدوها، وأحبوها طوال الطريق".

هكذا يكشف الوثائقي الذي تم تصويره بين غزة ولبنان ومصر وأنتجته "بلانيت براود بروداكشن"، عن عمق الصدمات التي يمرّ بها أطفال غزة تحت وطأة حرب الإبادة الإسرائيلية، ليعكس صوتَ من سُلبت منهم براءتهم، ويواجه فظائع الحرب بعيني طفلة، وبصلابة فتاة قرّرت أن تغنّي أعلى من هدير الطائرات.

ويكرّم الفيلم، الذي بدأ العمل عليه في أيلول/سبتمبر عام 2024، رحلة الطفلة حليمة، ويذكّر العالم بأن الحياة، حتى في قلب الحرب، تصرّ على أن تُعاش بشجاعة وبصوت عالٍ. بعيداً عن قصة حليمة الفردية، يعكس وثائقي "معجزة غزة" الصدمة الصامتة التي يعيشها أطفال القطاع، ويُظهر أن الأمل يستمر من خلال الشجاعة والمثابرة.

هالة بو صعب، التي كُرّمت في المهرجان، اعتبرت أن الجائزة الكبرى بالنسبة لها تمثلت في أنها استطاعت نقل قصص التضامن مع أطفال وشعب غزة، خاصة أن "كلّ منا يعبر عن تضامنه على طريقته، وأنا عبرت من خلال هذا الفيلم".

وإذ نجح الفيلم في شغل حيّز مهم في حفل ختام المهرجان حيث نال تصفيقاً لنحو دقيقة متواصلة، تؤكد بو صعب أن "واجبنا كصناع أفلام أن نوثّق هذه الحقيقة للتاريخ، حتى لا يستطيع أحد يوماً أن ينكر هذه الإبادة. 'معجزة غزّة' ليس قصة شفقة، بل قصة صمود وإيمان وإرادة لا تنكسر في سبيل البقاء".

يُذكر أن مهرجان "Around International Film Festival" أو (ARFF International) هو ملتقى مستقل يُعقد سنوياً، ويضم 4 نسخ رئيسية لعرض الأفلام الطويلة والوثائقيات والقصيرة والإعلانات والفيديوهات الموسيقية والرسوم المتحركة وأفلام الطلاب والمسلسلات التلفزيونية والإعلام الجديد والأعمال الصوتية، وهو من المهرجانات المؤهلة للإدراج ضمن الجوائز على منصة IMDb.

ويهدف إلى توفير مساحة لجموع عشاق السينما الذين يلتزمون ببناء فضاءات داعمة لصناعة الفيلم ونشر المعرفة بالفن البصري الحديث، ليتمكن صناع الأفلام من عرض أعمالهم على منصة واحدة.