كما لم ترها من قبل.. تحويل أعمال نجيب محفوظ إلى "كوميكس"
في خطوة مبتكرة لإحياء أدب نجيب محفوظ، دارا نشر في مصر تصدران أعمال أديب نوبل بصيغة القصص المصورة "كوميكس"، وغايتها فتح آفاق جديدة أمام الجيل الصاعد من القراء.
في خطوة مبتكرة لإحياء تراث أدب نجيب محفوظ والأدب العربي، تعاونت دارا "ديوان" و"المحروسة" في مصر لإعادة إصدار أعمال الأديب الحائز على جائزة نوبل، بصيغة القصص المصورة "كوميكس"، لفتح آفاق جديدة أمام الجيل الصاعد من القراء.
وبحسب توصيف "ديوان" على صفحتها على "فيسبوك"، فإن المشروع يأتي كــ "مبادرة ثقافية رائدة تهدف إلى تقريب روائع محفوظ الأدبية للشباب، مستلهمةً الأسلوب البصري الجذاب للكوميكس".
"اللص والكلاب"، إحدى روائع نجيب محفوظ، كانت البداية حيث تحولت إلى ملحمة مصورة تنبض بالحياة، بسيناريو للكاتب محمد إسماعيل أمين ورسوم الفنان جديد، معلنةً عن شكل جديد في العالم العربي يجمع بين الأدب الكلاسيكي وفن الكوميكس المعاصر.
في تعليقها المصاحب للصور المنشورة للإصدار الجديد، أشارت دار "ديوان" إلى أن أعمال محفوظ التي كانت مصدر إلهام لعدة أفلام سينمائية ناجحة، تتجدد اليوم لتصبح مصدر إلهام لمشروع "نجيب محفوظ المصوَّر".
وأكدت الدار أن هذا المشروع لا يقتصر على تحويل النصوص الأدبية إلى صور فحسب، بل يمثل تطوراً ثقافياً يعيد تعريف فن الكوميكس في العالم العربي، مواصلةً مسيرة محفوظ الرائدة في تاريخ الرواية العربية.
وكانت دار "ديوان" قد حصلت على حقوق نشر أعمال نجيب محفوظ في نهاية عام 2021.
أحمد القرملاوي، مدير النشر في "ديوان"، قال لــ "الميادين الثقافية" إن: "دار ديوان لديها رؤية طموحة لإعادة تقديم أعمال نجيب محفوظ الأدبية الخالدة بأسلوب عصري يناسب الجيل الجديد"، مشيراً إلى أن الفكرة "تتجسد في إبداع "مشروع نجيب محفوظ المصور"، الذي يعيد صياغة الروايات الكلاسيكية كقصص مصورة وكوميكس، مستهدفاً جمهوراً أوسع يشمل الشباب والقراء من مختلف الأعمار".
ويؤكد القرملاوي أن "الكوميكس ليس مجرد وسيلة لجذب الشباب الذين قد يجدون لغة محفوظ ككاتب كلاسيكي صعبة، بل أيضاً فن يستقطب محبي الرسوم والتعبير البصري"، لافتاً إلى أن "أعمال محفوظ بحواراتها الغنية ووصفها الدقيق، تتيح تحويلها إلى كوميكس ومشاهد بصرية ملهمة من دون المساس بجوهرها الأدبي".
وتحدث أوضح مدير النشر في "ديوان" عن الطموحات المستقبلية للمشروع، مشيراً إلى أن الخطة تشمل تحويل أكثر من 20 عملاً لمحفوظ إلى كوميكس خلال العامين القادمين، مشدداً على أهمية الشراكة مع دار "المحروسة"، التي تتمتع بخبرة واسعة في مجال الروايات المصورة، والتي تتقاطع رؤيتها مع رؤية "ديوان" في ترك الحرية للفنانين ليعبروا عن رؤيتهم الفنية.
وأكد أن الفكرة موجودة منذ بداية مشروع نجيب محفوظ وحصول الدار على حقوق نشرها، من أجل أن "نقدم محفوظ بشكل جديد معاصر، فكان من ضمن الخطوات تقديمه في شكل مصور كجرافيك نوفيل أو نصوص قصيرة تحتوي اقتباسات أو كتيبات مصورة صغيرة لقصصه القصيرة".
من جانبه، قال عبد الله صقر، مدير النشر السابق في دار "المحروسة"، والذي حضر بدايات المشروع، أن الدار تعمل على المشروع منذ عدة أعوام، وساعدها في ذلك أن لديها توجهاً بخط إنتاج شامل للكوميكس، وهو ما يمثل نقلة نوعية في عالم النشر العربي.
وأشار إلى أن دار "المحروسة" بدأت بترجمة أعمال عالمية وإنتاج قصص أصلية باللغة العربية، مؤكداً الحاجة الماسة لمثل هذه المبادرات التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، مضيفاً "كانت البداية مع نجيب محفوظ منطقية، لكن الذي شجعنا على الأمر هو الرسام ميجو الذي رسم بشكل مستقل عدة صفحات من رواية "أولاد حارتنا"، بشكل يحافظ على عوالم محفوظ السردية بطريقة بصرية مبتكرة".
أما محمد إسماعيل أمين، كاتب سيناريو رواية "اللص والكلاب"، فأعرب في حديث مع "الميادين الثقافية" عن سعادته بالاستقبال الإيجابي لتجربة تحويل الرواية إلى غرافيك نوفل، مؤكداً أنه ليس غريباً على التجربة، فقد تربى على الشغف بالقصص المصورة كقارئ، سواء السلاسل العربية كسلسلة "بساط الريح"، أو تلك المترجمة عن سلاسل أجنبية، وهو ما قاده إلى الشغف بتلك التجارب. خاصة أن كثيراً من الأعمال الأدبية الأجنبية الكلاسيكية تحولت إلى روايات مصورة، فكان دائماً ما يتساءل: لماذا ليس لدينا هذا النوع من في عالمنا العربي؟ قبل أن تقوه التجارب المبكرة في العام 2003 إلى تحويل واحدة من قصص أنطون تشيخوف إلى قصة مصورة، وحاول نشرها في بعض المجلات مثل "علاء الدين" وغيرها، لكنه لم يوفق.
ويرى أمين أن تناول العمل الأدبي عبر أكثر من وسيط هام للأعمال الأدبية، ورغم عدم توفيقه في تجربته الأولى إلا أن الرغبة في استكشاف الغرافيك نوفيل التي تتناول أعمالاً أدبية خالدة لم تنطفئ في داخله. وعندما تناول رواية "اللص والكلاب" كان التحدي الذي يراه، هو أن عملاً كهذا سبق تحويله إلى وسيط آخر هو السينما، بينما الكوميكس وسيط بين السينما والأدب. اعترى أمين القلق من أن يقدم عملاً شاهده الملايين عبر شاشة السينما والتلفزيون وقبلها في الرواية، فقرر أن يلتزم بالسرد وأن يستخدم أجزاءاً من حوارات نجيب محفوظ نفسها والمونولوجات الداخلية للبطل.