روسيا تحاول إزالة العراقيل بين طهران وواشنطن؟

عزّزت موسكو علاقاتها مع واشنطن فيما كانت هناك خشية في إيران من مستقبل علاقاتها مع روسيا، اذا ما انفتحت الأخيرة على واشنطن وتباينت وجهات النظر الداخلية بين الإصلاحيين والمحافظين.

0:00
  • موسكو والوساطة بين طهران وواشنطن.
    موسكو والوساطة بين طهران وواشنطن.

التعاون بين إيران وروسيا شهد تطوّراً بعد الحرب الأوكرانية لما فيه مصلحة روسيا، يعود تقاربهما إلى تنسيق جهودهما العسكرية عام 2015 في سوريا لمساعدة الرئيس السوري السابق بشار الأسد عبر اتفاقيات لوجستية تعزّز التعاون بين البلدين عام 2022 إبان الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

دعمت طهران موسكو من خلال بيع آلاف من طائرات مهاجر، وطائرات شاهد من دون طيار ومن بعدها بالصواريخ البالستية. الأمر الذي ساعد روسيا على سد الفجوة في مخزوناتها من الذخائر. 

تعاونت روسيا مع إيران في قضايا الأمن السيبراني إضافة إلى شراء طهران أجهزة تنصت وأخرى متطورة عام 2023، وتمّ التركيز بشكل أساسي على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز القدرات الدفاعية.

تفضّل موسكو ألا تمتلك طهران قنبلة نووية، وهي شجّعت إيران والولايات المتحدة على إعادة التفاوض على الاتفاق النووي قبل الحرب في أوكرانيا. وكان المرشد الأعلى السيد علي خامنئي قد اعتبر أن موسكو في حربها مع أوكرانيا تقوم بعمل دفاعي في مواجهة الغرب وحلف شمال الأطلسي.

ترتبط إيران وروسيا بمجالات تعاون اقتصادي واسع من خلال عضويتهما في منظمات اقتصادية إقليمية ودولية مثل "بريكس"، علاوة على عزمهما تنفيذ مشروع تجاري دولي يُعرف باسم "ممر شمال جنوب" الذي من المقرّر أن يمتدّ من الهند إلى روسيا عبر إيران وصولاً إلى أوروبا. 

ولا يقتصر التعاون الإيراني الروسي على الجانب الاقتصادي المشترك أو العسكري فقط، بل يمتد إلى مناطق واسعة من العالم يتضمّن القوقاز والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وغير ذلك. إذ، تشترك إيران وروسيا في مصالح سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية أيضاً في هذه المناطق تدفعها للتعاون المشترك ومواصلة المشاورات والمسار الدبلوماسي، وتبادل المعلومات الأمنية لتعزيز المصالح الوطنية. إلا أنّ الدولتين  تتنافسان على الأسواق نفسها بما يخصّ بيع النفط إلى الصين ولا سيما أنّ روسيا  فقدت السوق الأوروبية.

موسكو والوساطة بين طهران وواشنطن

عزّزت موسكو علاقاتها مع واشنطن فيما كانت هناك هناك خشية في إيران من مستقبل علاقاتها مع روسيا، إذا ما انفتحت الأخيرة على الولايات المتحدة وتباينت وجهات النظر الداخلية بين الإصلاحيين والمحافظين في النظر إلى المصالح الروسية، إلا أنه من الواضح أنّ روسيا لا تخاطر بمستقبل علاقاتها مع إيران من أجل التسويات المرحلية مع واشنطن، فهي على ثقة أنّ العلاقة مع ترامب التي كانت ممتازة في دورته الأولى شهدت تراجعاً تراجيدياً مع إدارة بايدن وهي تسعى لعلاقة ممتازة معه إلا أنها تخشى التغيّرات الأميركية بعد ترامب، وهي تعلم أنّ الولايات المتحدة تريد استغلال العلاقة لمصلحة فكّ ارتباط موسكو وبكين وطهران.

إلا أن ترامب يحتاج إلى وساطة روسيا مع إيران في ظل المفاوضات الجارية اليوم مع إيران في إطار الميل إلى اتباع نهج الدبلوماسية لحلّ الأزمة النووية وقضايا أخرى مطروحة على طاولة المفاوضات. وكان وزير خارجية موسكو، سيرغي لافروف، قد ناقش مع المسؤولين الإيرانيين مستقبل المفاوضات النووية مع الغرب ونقل رسائل القادة الأميركيين إلى طهران في هذا الصدد، عندما زار إيران في أواخر شباط/فبراير الماضي وتوصّل إلى نتائج مرضية.

أما ترامب الذي يقول إنه لا يريد اللجوء إلى الخيار العسكري المتمثّل في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية لتدمير برنامجها النووي كما تريد "إسرائيل"، وبعض صقور إدارته يتعرّض لضغوط من قبل بعض مستشاريه ومن اللوبي الصهيوني مما ينعكس ارتباكاً وعدم وضوح في تصريحات مبعوثه إلى المنطقة ستيف ويتكوف.

في هذا الإطار، قام مجلس الشيوخ الروسي بالتوقيع على اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع إيران مدته 20 عاماً مما يعمّق التعاون العسكري والنووي بين البلدين، في الوقت الذي تشتدّ فيه المخاوف من صراع إيراني أميركي، وكان الاتفاق الاستراتيجي قد وقّع في كانون الثاني/يناير بين الرئيس بوتين والرئيس الإيراني بيزشكيان. ويتضمّن توسيع نطاق التنسيق الدفاعي ودعم موسكو لطهران وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة.

يأتي الاتفاق في الوقت الذي تجرى فيه المفاوضات النووية بوساطة عمانية. وفي وقت حذّر فيه ترامب إيران من تطوير قنبلة نووية وإنهاء عملية التخصيب من جذورها والتلميح بالخيارات العسكرية.

 مجالات التعاون الروسي الإيراني تشمل الحدّ من التسلّح ومكافحة الإرهاب وتعزيز الطاقة النووية السلمية والتنسيق الأمني على المستويين الإقليمي والعالمي.

روسيا بتوقيعها على الاتفاقية تعزّز وساطتها وتقدّمها كضمانة ضدّ أيّ تصنيع نووي عسكري، فيما ينقل وزير خارجية إيران عراقشي رسالة من السيد الخامنئي إلى بوتين تتعلّق بالعلاقة الإيرانية الروسية التي سعى إلى تمتينها والتي تمرّ في فترة امتحان القوة والثبات، بعد أن أعلن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف عن تحوّل متشدّد في السياسة، مشيراً إلى أنّ أيّ اتفاق مع إيران يجب أن يشمل الإزالة الكاملة لبرامج تخصيب اليورانيوم والتسليح.

بينما تقول موسكو على لسان بيسكوف إنّ "الاتحاد الروسي مستعدّ لبذل كلّ ما في وسعه للمساهمة في تسوية الوضع بالوسائل السياسية والدبلوماسية".

لا شكّ أنّ إيران تتعرّض لضغوط اقتصادية شديدة من العقوبات الغربية وترى نفسها تحت تهديدات عسكرية خطيرة من "إسرائيل" وربما من الولايات المتحدة. لذلك بحسب تصريحات عراقشي "فهم يعتمدون بشكل متزايد على القوى الشرقية، الصين وروسيا، حتى أكثر من ذي قبل".

ومع اقتراب محادثات، الجولة الثانية هل يمكن أن يغيّر الاتفاق الروسي الإيراني الحسابات الجيوسياسية، ويردع التهديدات؟