حتى إيلات!

المعركة الجارية الآن على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة قد تشكّل كلمة الفصل لناحية وقف العدوان على غزة، ولا سيّما إذا وصلت إلى مرحلة تهدّد فيها مصالح الدول الكبرى.

  •  إمكانية انفلات الأمور من عِقالها تبدو واردة.
    إمكانية انفلات الأمور من عِقالها تبدو واردة.

ما زلت عند رأيي السابق الذي تضمّنه مقالي الأخير عبر موقع "الميادين أون لاين" تحت عنوان "ما بين رفح والليطاني أكثر من مجرّد جغرافيا"، والمتعلّق باستبعاد فرضية تحوّل المواجهة العسكرية الجارية بين العدو الصهيوني من جهة وحزب الله من جهة أخرى إلى حرب شاملة.

 وقد أشرت في سياق ذلك المقال الذي تم نشره قبل العدوان الواسع الذي شنّه سلاح الجو الصهيوني على قرى الجنوب اللبناني ومناطق أخرى في البقاع صباح الاثنين الماضي إلى مجموعة من الكوابح والموانع التي أرى أنها تقف حائلاً دون تحوّل الاشتباك عبر الحدود إلى حرب مفتوحة قد تنعكس تداعياتها على كل الإقليم.

اليوم، وبعد التطوّر الدراماتيكي وغير المُتوقّع الذي جرى صباح الاثنين وما زال يجري حتى الآن، والذي نتج منه عشرات الشهداء ومئات الجرحى من المدنيين اللبنانيين، وما تلاه من ردود أفعال من حزب الله وصلت مفاعيلها إلى مدينة حيفا والعفّولة، ومستوطنات الضفة، وقاعدة رامات دافيد الجوية بالغة الأهمية، إضافة إلى شركة رفائيل للصناعات العسكرية، وأخيراً وليس آخراً الصاروخ الباليستي على مقر قيادة جهاز الموساد في "تل أبيب" وغيرها من المواقع الحيوية والحسّاسة داخل الكيان الصهيوني، تبدو الأمور أكثر قابلية للذهاب باتجاه مواجهة واسعة وقاسية، ولكنها لن تصل بحسب اعتقادنا إلى مرحلة الحرب المفتوحة أو الحرب الإقليمية، إذ إن مجموعة الكوابح التي أشرنا إليها في مقالنا السابق ما زالت قائمة، وإن اعتراها بعض التغيّرات الناتجة في الأساس من رغبة بنيامين نتنياهو وائتلافه المتطرّف في الذهاب إلى أبعد مدى ممكن من أجل الحفاظ على الحكم في "إسرائيل"، وهو الذي يخشى سقوط حكومته وائتلافه في حال توقفت الحرب، سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان.

 على كل حال، وبما أننا نعيش في عالم سريع التغيّر والتبدّل، وتحكمه مصالح ورغبات الدول العظمى والكبرى، ولا مكان فيه للضعفاء، فإن إمكانية انفلات الأمور من عِقالها تبدو واردة، وهو ما يمكن أن يؤدّي إلى اشتعال الإقليم برمّته في حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس، وتعيد تغيير شكل المنطقة كما لم تفعل أي حرب من قبل.

في حال وقعت هذه الحرب التي يحذّر منها الكثيرون في العالم، فإن الأطراف المشاركة فيها ستستخدم كل ما في جعبتها من إمكانيات وقدرات عسكرية وبشرية لحسمها والانتصار فيها، إذ إن الهزيمة ستعني دون أدنى شك سقوط مشاريع بأكملها، لا دول أو جماعات فحسب، ولا سيّما إذا ما عرفنا أن هناك حلفاء وداعمين لكلا طرفي المواجهة المحتملة، وهم لن يسمحوا بسقوط حليفهم أو خسارته الحرب، أو على أقل تقدير سيبذلون كل ما في استطاعتهم من أجل تقديم العون له، وصولاً إلى إمكانية المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية إذا تطلّب الأمر.

نحن هنا سنحاول الإشارة باختصار إلى مجموعة من الأهداف الحيويّة والاستراتيجية الإسرائيلية التي ستكون عرضة للاستهداف في أي حرب مفتوحة قد تقع خلال المرحلة القريبة القادمة، والتي ستكون هدفاً أساسياً ومركزياً لحزب الله في حال بقي وحده في المواجهة أو لباقي أطراف محور المقاومة إذا توسّع إطار الحرب، وتحوّلت إلى معركة متعدّدة الجبهات، كما يعتقد الكثير من المحلّلين والخبراء، إذ تتوزّع هذه الأهداف من رأس الناقورة شمالاً، وصولاً إلى مدينة أم الرشراش المحتلة "إيلات" جنوباً.

أولاً: المراكز الحكومية

1 - البرلمان "الكنيست":

 يُعتبر "الكنيست" أعلى سلطة تشريعية وسياسية داخل النظام السياسي لإسرائيل، إذ يتولى المهام التشريعية للدولة، ويعتمد الحكومات، ويراقب عملها، ويؤدي دوراً كبيراً في الحياة السياسية داخل البلاد بسبب طبيعة الحكم القائمة على النظام البرلماني، وهو يقع في تلة الشيخ بدر غربي مدينة القدس المحتلة.

2- مكتب رئيس الوزراء:

 يتولى مكتب رئاسة الوزراء مسؤولية صياغة السياسة التي يعمل بناء عليها مجلس الوزراء الصهيوني، وكذلك مسؤولية العلاقات الدبلوماسية الخارجية مع مختلف دول العالم، إضافة إلى مسؤوليته عن الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى التي تتبع لرئيس الوزراء بشكل مباشر، مثل هيئة الطاقة الذرية، والمعهد الإسرائيلي للبحوث البيولوجية، ووزارة الشؤون الاستراتيجية، وجهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد"، وجهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك" الذي يقع في "بيت أغيون" في حي "رحافيا" وسط مدينة القدس المحتلة.

3- وزارة الحرب "الدفاع":

وزارة الحرب الإسرائيلية هي الجهة الحكومية المسؤولة عن الدفاع عن "دولة إسرائيل" ضد التهديدات العسكرية الداخلية والخارجية، وأعلى منصب فيها هو وزير الدفاع، وهي تقع وسط مدينة تل أبيب في منطقة "هكرياه" التي تضم أيضاً القاعدة المركزية للجيش الإسرائيلي، وتشرف وزارة الدفاع على معظم قوات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي، والصناعات العسكرية الإسرائيلية، وصناعات الفضاء الإسرائيلية.

ثانياً: المطارات المدنية

1/مطار اللد الدولي "بن غوريون":

هو أحد أكبر المطارات في "إسرائيل"، وأكثرها ازدحامًا، تم إنشاؤه من قِبل القوات البريطانية عام 1936 م، ويبعد عن مدينة تل أبيب نحو 20كلم في الاتجاه الجنوبي الشرقي، ويعد مركز العمليات الرئيسي لشركات الطيران الإسرائيلية الكبرى، ويبلغ متوسّط عدد المسافرين الذين يمرون منه في العام الواحد نحو 11 مليون مسافر.

2/ مطار حيفا الدولي:

 يُعتبر أقدم مطار في "إسرائيل". تم بناؤه عام 1934 فترة الانتداب البريطاني على فلسطين. يقع قرب المدخل الرئيسي للمدينة، وهو قريب من أحواض بناء السفن الإسرائيلية، وميناء كيشون في خليج حيفا، ويُستخدم كمطار للرحلات الداخلية، وخصوصاً باتجاه إيلات، وأيضاً للرحلات الدولية، وخصوصاً التجارية منها، ويُستخدم في بعض الأحيان لأغراض عسكرية.

3/ مطار رامون الدولي:

أُنشئ هذا المطار كبديل لمطاري عوفدا وإيلات، ويتميز بطول مدرج الهبوط والإقلاع الذي يبلغ 3600 متر، بحيث تستطيع كل الطائرات الإقلاع منه أو الهبوط فيه. يقع المطار على بعد 19 كلم إلى الشمال من مدينة إيلات.

ثالثاً: القواعد الجوّية والاستخبارية

1/ قاعدة سيدوت ميخا: هي قاعدة جوية نوويّة، تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة تل أبيب. تحتوي على ثلاثة أسراب من الطائرات الحربية، وتوجد فيها بطاريات لصواريخ "حيتس2" المضادة للصواريخ الباليستية.

2/ قاعدة رامون الجوية: هي قاعدة ذات أهمية استراتيجية، تقع في الجهة الجنوبية الغربية لمدينة بئر السبع المحتلة، وهي قريبة من الحدود مع مصر. تبعد عن شبه جزيرة سيناء المصرية ما يقارب 30 كلم. 

3/قاعدة رامات دافيد الجوية "تم استهدافها": تعتبر واحدة من أهم ثلاث قواعد جوية في إسرائيل، وتضم مطاراً عسكرياً. وتقع جنوب مدينة حيفا شمال فلسطين قرب كيبوتس رامات دافيد الواقع في سهل مرج ابن عامر قرب مستوطنة مجدو.

4/ قاعدة حتسور الجوية: عبارة عن مطار عسكري يقع قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط بموازاة مدينة القدس المحتلة، وتعدّ مقراً للسرب 105 والسرب 101.

5/قاعدة حتسريم الجوية: تقع في صحراء النقب غربي مدينة بئر السبع المحتلة، وتضم أكاديمية طيران قوات الجيش الإسرائيلي، فيها أربعة مدارج يتراوح طولها ما بين 1833 و2750 متراً.

6/ قاعدة نيفاتيم الجوية: مطار عسكري إسرائيلي ودولي يقع في مدينة بئر السبع المحتلة، وفيها أسراب من طائرات "إف 35"، وفيها مقر القيادة الجوية الاستراتيجية لسلاح الجو الإسرائيلي المقام تحت الأرض.

7/ قاعدة تل نوف الجوية: هي واحدة من ثلاث قواعد رئيسية لسلاح الجو الإسرائيلي، وتقع قرب منطقة ريخوفوت جنوب تل أبيب، وتضم الأسراب (106--114 -118 133) المقاتلة والهيلوكبتر، والسرب (210) للطائرات بدون طيار. 

8/ قاعدة بلماخيم الجوية: هي وكالة فضاء ومطار عسكري في وقت واحد، وتقع على شاطئ البحر قرب مدينة "ريشون ليتسيون" شرق تل أبيب، ويوجد في القاعدة العديد من المروحيات والطائرات دون طيار، وهي مركز الإطلاق لصواريخ "أرو" الفضائية، كما تُستخدم لإطلاق صاروخ "شافيت" الفضائي.

9/قاعدة أوريم الاستخبارية: واحدة من أكبر قواعد التجسس والتنصّت وجمع المعلومات على مستوى العالم. تقع قرب "كيبوتس أوريم" في النقب، وتتبع لوحدة جمع المعلومات المركزية للاستخبارات العسكرية المعروفة بوحدة رقم 8200، وتعمل على رصد المكالمات الهاتفية والاتصالات اللاسلكية والمراسلات الإلكترونية ومراقبة الاتصالات بين السفن في مياه البحر المتوسط عبر الأقمار الاصطناعية.

رابعاً: الموانئ البحرية

1 / ميناء حيفا: 

أهم موانئ "إسرائيل" على الإطلاق، ويُعتبر الأكثر ابتكاراً وتقدّماً فيها، ويتم إدارته بشكل محوسب وفعّال ومتسارع، ولا تقتصر أهمية ميناء حيفا على دوره الاقتصادي فحسب، بل تمتدُّ لتشمل ما يمثّله الميناء من موقع عسكري هام للغاية، إذ يحتوي على أسلحة نووية وغير تقليدية، ففي الجانب الشرقي منه، تقع قاعدة "بولونيوم" للأسلحة البحرية، وتحتوي على صواريخ برؤوس نووية، وهي القاعدة التي تُعتبر مقرًّا للغواصات الحربية، وخصوصاً من نوع "الدولفين" المعدّة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية.

2/ ميناء أسدود:

يعتبر الميناء الثاني على مستوى الأهمية في "إسرائيل"، ويقع في مدينة أسدود الساحلية على الساحل الشرقي للبحر المتوسط. دخل الخدمة عام 1965، وتم إدخال تعديلات كبيرة إلى جميع أقسامه وأماكن رسو السفن فيه، بحيث بات بإمكانه استقبال السفن الكبيرة التي تنقل البضائع التجارية في حاويات ضخمة.

3 / ميناء إيلات:

هو الميناء الإسرائيلي الوحيد المطل على البحر الأحمر. يقع على رأس الجهة الشمالية لخليج العقبة، ويستخدم للأغراض التجارية وبشكل رئيسي للتبادل التجاري مع دول الشرق الأقصى، وهو يسمح للشحن الإسرائيلي بالوصول إلى المحيط الهندي من دون الاضطرار إلى الإبحار عبر قناة السويس.

خامساً: محطات توليد الطاقة

1/ محطة "أوروت رابين": محطة توليد كهرباء بخارية تعمل بالفحم، وتقع على ساحل البحر المتوسط في مدينة الخضيرة، وهي مبنية على الشاطئ، لأنها تستخدم مياه البحر للتبريد، وتبلغ القدرة التوليدية الإجمالية للمحطة 2590 ميغاواتاً، وتُعد من أكبر محطات توليد الطاقة الكهربائية، إذ تشارك بنسبة 23% من قدرة شركة الكهرباء الإسرائيلية.

2/ محطة "روتنبرج": تقع على ساحل البحر ​​قرب مدينة عسقلان، وهي ثاني أكبر محطة في إسرائيل، وتعتبر أحدث محطة بخارية من بين المحطات الخمس الأخرى، إذ تشكّل الطاقة الإنتاجية للمحطة نحو ربع الطاقة الإنتاجية في البلاد.

3/ محطة "أشكول": تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال مدينة أسدود، وتبلغ الطاقة الإنتاجية لها 1600 ميغاوات.

4/ محطة "ردينغ": تقع في شمال مدينة تل أبيب في حي رمات هشارون، بجوار مصب نهر اليركون.

5/ محطة "حيفا": تابعة لشركة حيفا للكهرباء، وهي أول محطة بخارية في إسرائيل، وتعمل بالغاز.

سادساً: حقول الغاز

1/ حقل لفياثان: يُعتبر أكبر حقل غاز طبيعي بحري في البحر المتوسط، ويصل احتياطي الغاز فيه إلى نحو22  تريليون قدم مكعب.

2/حقل كاريش: يبعد 100 كلم عن السواحل الإسرائيلية على البحر المتوسط، ونحو 75 كلم عن ساحل حيفا، وتقدر احتياطات الغاز فيه بنحو 1.3 تريليون قدم مكعب.

3/ حقل تمار: يقع في شرق البحر الأبيض المتوسط مقابل سواحل سوريا ولبنان وقبرص وفلسطين وإسرائيل ومصر، ويبعد نحو 80 كلم من حيفا على عمق نحو 1700 متر تحت سطح البحر، ويُعتبر أكبر حقل للغاز الطبيعي يُكتشف في تلك المنطقة.

4/ حقل شمن: يقع على بعد 16 كلم من ميناء أسدود، وتقدّر احتياطات الغاز الموجودة فيه بنحو 2 تريليون قدم مكعب.

5/حقل نوا: يقع على بعد 36 كلم من شاطئ قطاع غزة على عمق 700 متر تقريباً. يصل إنتاج الحقل إلى 3 تريليون قدم مكعب.

6/حقل تنين: يقع على بعد 120 كلم مقابل الشواطئ الإسرائيلية على عمق 5500 متر. وتشير التقديرات إلى أن حجم الغاز الطبيعي في هذا الحقل قد تصل إلى 1.5 تريليون قدم مكعب.

7/ حقل مارين: أول الحقول المكتشفة للغاز الطبيعي في المناطق الساحلية الفلسطينية في بحر قطاع غزة، وفيه احتياطي غاز يقدر بـ1 تريليون قدم مكعب. 

سابعاً: المناطق الصناعية الكبرى

1/ منطقة "شاحاك": تقع ضمن أراضي محافظة جنين، وتتبع لمستوطنة شاكيد، وتبلغ مساحتها نحو 311 دونمًا، وتضم 9 مصانع لصناعة الجلود والحديد والكرتون والحقائب المدرسية وغيرها.

2/ منطقة "نيتساني شالوم": تقع غرب مدينة طولكرم، تبلغ مساحتها نحو 169 دونمًا، ويوجد فيها عدد من المصانع والصناعات، أهمها: مصنع "جيشوري" الذي ينتج مبيدات حشرية وأسمدة زراعية ومواد طلاء.

3/ منطقة "بارون اون كدوميم": تقع على أراضي محافظة قلقيلية، وتبلع مساحتها نحو 513 دونمًا.

4/ منطقة "بركان": تقع في أراضي محافظة سلفيت، وتبلغ مساحتها نحو 1130 دونماً.

5/منطقة "معالي أفرايم": تقع على أراضي محافظة أريحا، وتبلغ مساحتها نحو 133 دونماً، يتم فيها صناعة أقنعة ضد الغازات والأسلحة الكيميائية، ومنتجات صناعية حربية، وصناعة الأكياس البلاستيكية، وتعبئة منتجات غذائية.

6/ منطقة "موديعين عيليت": تقع على أراضي محافظة رام الله والبيرة، وتبلغ مساحتها نحو 128 دونمًا.

7/ منطقة "ميشور ادوميم": تقع على أراضي محافظة القدس، وتبلغ مساحتها نحو 2340 دونمًا.

8/ منطقة "كريات أربع": تقع على أراضي محافظة الخليل، وتتبع لمستوطنة كريات أربع، وتبلغ مساحتها نحو 80 دونمًا.

9/ منطقة "غوش عتصيون": تقع أيضاً على أراضي محافظة الخليل، تبلغ مساحتها نحو 250 دونمًا.

الخاتمة

بعد هذا العرض المختصر لجملة من الأهداف الحيوية والحسّاسة داخل الكيان الصهيوني، والتي يمكن أن يتم استهدافها أو استهداف جزء منها في أي حرب إقليمية واسعة، مضافاً إليها دون أدنى شك المئات من الأهداف الأخرى التي تعرفها المقاومة أكثر منّا، نظراً إلى امتلاكها إمكانيات استخبارية متعدّدة لجمع المعلومات، فإننا نعتقد أن توسّع المعركة الحالية بين العدو وحزب الله لن يكون في مصلحة "دولة" الاحتلال التي ستكون بكل تأكيد الخاسر الأكبر فيها، ليس لأنها ضعيفة ولا تملك إمكانيات، وليس لأن حلفاءها يمكن أن يتخلّوا عنها، بل لأن هذه الدولة لا تملك عمقاً استراتيجياً آمناً، ولا قوى بشرية مناسبة، إضافة إلى أن الهوّة التي كانت موجودة سابقاً بينها وبين أعدائها على مستوى القدرات والإمكانيات قد تقلّصت إلى حدٍ بعيد، وباتت قوى المقاومة في الإقليم قادرة على الوصول إلى أي نقطة في "الدولة" العبرية، وهو ما يعني أن كل منشآتها الحيوية والاستراتيجية باتت مكشوفة أمام خصومها من مستوطنة المطلّة شمالاً، إلى مدينة إيلات في أقصى الجنوب، والذين لن يألوا جهداً، كما نعتقد، في توجيه ضربة قاصمة إليها في مرحلة ما قد تكون قريبة.

نحن نعتقد أن المعركة الجارية الآن على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة قد تشكّل كلمة الفصل لناحية وقف العدوان على غزة، ولا سيّما إذا وصلت إلى مرحلة تهدّد فيها مصالح الدول الكبرى، وتضع الكيان العبري أمام تحدّيات لم يواجه مثلها من قبل؛ تحدّيات يقول عنها خبراء إسرائيليون إنها قد تهدّد استقرار "الدولة"، وتدفع بمئات آلاف الإسرائيليين للهروب إلى دول العالم المختلفة بعدما تتحوّل دولتهم إلى مكان غير صالح للسكن.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.