التحقق من تقييم السلع عبر الإنترنت: البائع متّهم حتى يثبت العكس!

ثمة تحدٍّ مهم يفرض نفسه في سبيل مكافحة المراجعات الزائفة، يتمثل بأنّ 10% فقط ممن يشترون من "أمازون" يلجأون عادةً إلى كتابة مراجعات عن مشترياتهم، ما يفسح المجال أمام طغيان المحتوى الزائف.

  • التحقق من تقييم السلع عبر الإنترنت: البائع متّهم حتى يثبت العكس!
    التحقق من تقييم السلع عبر الإنترنت: البائع متّهم حتى يثبت العكس!

تجاوزت مبيعات التجزئة عبر الإنترنت عام 2012 وحده 5.2 تريليون دولار أميركي. ومع تصدّر "أمازون" قائمة مواقع مبيعات التجزئة الأكثر زيارةً عبر الإنترنت، فإنَّ المواقع الصينية المماثلة تحتلّ الصدارة على صعيد البيع بالجملة. وأمام الازدياد المطرّد لمواقع البيع عامةً، باتت "خدع" الترويج أكثر ابتكاراً. 

لعلّ أكثر هذه الخدع شيوعاً هي المراجعات (Reviews) التي نقرأها عند أسفل كل منتج لمستخدمين يُفترض أنهم اشتروا المنتج نفسه وجربوه.

تشير إحصائيات عن مصادر متفرقة إلى وجود أكثر من 250 مليون مراجعة في منصة "أمازون"، ولكن 17% من الزبائن يثقون بها، في حين صنّفت بعض الأدوات الرقمية أكثر من 61% من مجمل المراجعات بأنها "مزيفة"، علماً أن بعض الشركات التي تعرض منتجاتها في "أمازون" تدفع مبالغ شهرية تصل إلى 10 آلاف دولار في الشهر في مقابل كتابة مراجعات بشروطها.

وثمة تحدٍ مهم يفرض نفسه في سبيل مكافحة المراجعات الزائفة، يتمثل بأنّ 10% فقط ممن يشترون من "أمازون" يلجأون عادةً إلى كتابة مراجعات عن مشترياتهم، ما يفسح المجال أمام طغيان المحتوى الزائف.

كيف يمكننا إذاً تمييز المراجعات وتحديد الزائف منها من دون الحاجة إلى استخدام أدوات تقنية؟ هل تثق بشخص كتب مراجعات لخمسين منتجاً خلال أسبوع؟ على الأرجح لا. أوّل خطوة لكشف حساب مزيف هي ملاحظة نشاطه بعد النقر على حسابه.

لا يميل البشر العفويون أثناء تصفّحهم الإنترنت إلى ترك مراجعات لكلِّ مشترياتهم عبر الإنترنت. هذا سلوك "غير مألوف" ومثير للشّكوك، ولكن قد لا يكون وحده كافياً لكشف الزيف. 

لننتقل إلى مضمون المراجعات أو التعليقات. هل قامت هذه الحسابات التي قرأت مراجعاتها بكتابة تعليقات على عدد كبير من المنتجات في فئات مختلفة وضمن اهتمامات شديدة التنوع؟ إذا كان الجواب نعم، فعلى الأرجح أيضاً أن تلك المراجعات غير أصلية.

في المضمون أيضاً، تعمل جميع روبوتات الدردشة (Bots) أو تلك المبرمجة لتؤدي أهدافاً محددة وفق أنماط مكررة لتوليد الكلمات، ما يؤثر بشكل واضح في نوعية المحتوى من مفردات وصياغة.

وفي هذا السياق، يمكن ملاحظة افتقاد المراجعات المكتوبة آلياً المعطيات والحقائق (Facts)، واعتمادها بدلاً من ذلك على استخدام عبارات الوصف والمبالغة، وهو ما يفعله أيضاً أصحاب الحسابات المزيفة الذين يقومون بكتابة تعليقات موجهة، فهم على الأرجح لا يمتلكون وقتاً لكتابة تجربة حقيقية ومتفردة، ويميلون تلقائياً إلى استخدام أوصاف عامة.

وبما أنَّ بعض مبرمجي "بوتات" (Bots) الكتابة يهدفون إلى إظهار شيوع منتج ما أو التقليل من قيمة منتج منافس، فتوقعوا وجود أكثر المراجعات الزائفة في فئة النجوم الخمس وفئة النجمة الواحدة. وعادةً ما تكون هذه المراجعات في الفئة نفسها متتالية بشكل ملحوظ، لأنها تكون مبرمجة لتكتب مراجعة بعد زمن محدد، وذلك بالثواني على الأرجح.

وبما أنَّ المراجعات المزيفة غالباً ما تنتشر ضمن الفئتين الأولى والخامسة في تصنيف النجوم، فإنَّ المراجعات التي تستحقّ القراءة غالباً ما تكون في المنتصف، أي تلك التي وضع أصحابها نجمتين أو ثلاث لتقييم المنتج.

ذكرنا في بداية مقالنا أنَّ "بوتات" الكتابة تعتمد على الوصف، وبالتالي الجزم، سلباً أم إيجاباً، فيما يمتاز البشر بقدرتهم على التفكير في جوانب إيجابية وسلبية للمنتج نفسه نتيجة تجربتهم. بكلمات أخرى، ما نبحث عنه عادةً عند شراء أيّ منتج هو تقييم موضوعي قدر الإمكان يأخذ في عين الاعتبار الإيجابيات والسلبيات. الحسابات الزائفة لن تكتب تقييماً موضوعياً، لأن هدفها هو إظهار كمال المنتج أو تدمير سمعة منتج منافس.

هذا الأمر يقودنا أيضاً إلى تكتيك مخادع آخر يقع فيه مبرمجو هذه "البوتات". لعلكم سبق أن شاهدتم إعلاناً على شاشة التلفاز يلمّح في مضمونه إلى فعالية المنتج المروج له في مقابل المنتج المنافس من شركة أخرى، ولكن الحسابات المبرمجة لكتابة مراجعات وتعليقات سلبية في صفحة منتجات منافسة تترك آثاراً للكذب عبر وضع رابط أو اسم المنتج الذي تريد الترويج له في تعليقها على منتج منافس، بمعنى أنَّها تريد منك أن تنقر على الرابط لتقوم بشراء المنتج البديل الذي تقترحه.

إحدى الخطوات المهمة عند التسوق عبر الإنترنت هي قراءة مراجعات عن المنتج في مواقع مختلفة عن المنصة التي تحاول الشراء عبرها. ومع أنَّ التسويق والترويج يطغيان أيضاً على أغلب المدوّنات المتخصصة بالمراجعة، ولكن يمكن اللجوء دائماً إلى منصات اجتماعية مثل "Reddit" لمعرفة آراء أشخاص حقيقيين بالمنتج المطلوب.

طبعاً، لا تسلم شبكات التواصل من محاولات التزييف، ولكن بمقدوركم بالتأكيد الحصول على صورة وافية في حال اعتمدتم الشكّ قاعدة قبل الشراء.