الاقتصاد الإسرائيلي.. انحدار وتأكّل وتراجع في التصنيف
المكابرة الداخلية والدعم الخارجي الاستثنائي لـ "إسرائيل" لن يخفيا حقيقة أن الكيان الغريب اقتصادياً أوهن من بيت العنكبوت، وأن الاقتصاد الإسرائيلي لن يعود كما كان مطلقاً.
دُق ناقوس الخطر الكبير في "إسرائيل"، وتهاوت فكرة أن اقتصاد الكيان لا يتأثر بالحروب، وبدأت النتائج الأولية لمعركة "طوفان الأقصى" تكشف مدى معاناة هذا الاقتصاد وتضرره قبل ظهور التداعيات السياسية والعسكرية.
ولم يكن في حسبان أكثر المتشائمين أن يتخذ الاقتصاد الإسرائيلي منحى منحدراً كهذا في هذا التوقيت من الحرب على قطاع غزة، وفي الشمال عند جبهة جنوب لبنان، لا بالشكل ولا بالمضمون، وأن يقود ذلك إلى مسار سلبي واضح لنتيجة العدوان في داخل الكيان.
تدهور في النمو
ومن خلال متابعة حقيقة ما حصل من تأكّل للاقتصاد الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر حتى منصف الشهر الخامس للحرب، يبرز التقرير الذي أصدرته مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البحثية، والذي قالت فيه إن معدل النمو الاقتصادي تدهور إلى أدنى مستوى منذ تأسيس هذا الكيان واقتصاده المركب، إذ وصل إلى دون مستوى 2%، متوقعة أن ينخفض في الفصل الأول من العام 2024 إلى ما دون 0.5%.
يرجع هذا إلى أسباب عدة، أبرزها:
- بلوغ الانكماش الاقتصادي في الربع الأخير من العام 2023 نسبة 19.4% على أساس فصلي، وهذا أسوأ بكثير مما كان متوقعاً.
- تراجع الاستهلاك بنسبة 26.9% في الفصل الأخير من العام الماضي.
- تقلص استهلاك الخدمات بنسبة 52%.
- انخفاض استهلاك السلع بنسبة 58%.
- تهاوي الاستثمارات الثابتة بنسبة 67.8%.
- توقف النشاط العقاري بنسبة 95%.
- تراجع الصادرات بنسبة 18.3%.
- انخفاض الواردات بنسبة 42.4%.
- ارتفاع نفقات الحكومة بنسبة 88.1%.
- تخلّف 377 ألف مدين عن سداد قروضهم.
- انهيار السياحة الداخلية بنسبة 80%، والخارجية بنسبة 100%.
- توقف 40% من قطاع نقل المواد عن العمل.
- إقفال 50% من مصانع المواد الغذائية.
- تراجع مستمر في القطاع الزراعي، وبدء الكلام عن الحاجة إلى الاستيراد بشكل فوري قبل الأزمة الكبرى.
انخفاض الشيكل وخفض التصنيف
منذ بداية الحرب أيضاً، لا تزال العملة الإسرائيلية تتلقى الضربات تباعاً. ومع انكشاف ضعف بيانات الاقتصاد الكلي للكيان، انخفض الشيكل مجدداً وبحدة هذا الأسبوع في مقابل كل من الدولار (0.94%) واليورو (1.12%)، وفقاً لصحيفة "غلوبس" العبرية، وسط توقعات بأن يظل السعر متقلباً في المستقبل القريب.
وجاء ذلك أيضاً عقب خفض وكالة "موديز" الأميركية التصنيف الائتماني للكيان بدرجة واحدة، من A1 إلى A2، بسبب تأثيرات الحرب.
وقالت موديز، في بيان، إن الخفض جاء بناء على تقييم بيَّن أن "النزاع العسكري المستمر مع حركة حماس وتداعياته وعواقبه الأوسع نطاقاً يزيد المخاطر السياسية لإسرائيل، ويُضعف أيضاً مؤسساتها التنفيذية والتشريعية وقوتها المالية في المستقبل المنظور".
وأضافت أن مخاطر تصاعد الصراع مع "حزب الله" اللبناني في الشمال لا تزال قائمة، ما يثير احتمال حدوث تأثير سلبي كبير في الاقتصاد الإسرائيلي.
وبناء على كل ذلك، يتبين أن المكابرة الداخلية والدعم الخارجي الاستثنائي لن يخفيا حقيقة أن هذا الكيان الغريب اقتصادياً أوهن من بيت العنكبوت، وأن الاقتصاد الإسرائيلي لن يعود كما كان مطلقاً، في ظل مؤشرات دولية تؤكد أن الانكماش الاقتصادي قادم لا محالة.
وما نشرته مؤسسة "راند" الأميركية عن هذا الاقتصاد يطرح علامات استفهام كبيرة، إذ إن التقرير الذي صدر يؤكد وجود خسائر وتكاليف اقتصادية تجاوزت 400 مليار دولار، وأن ما كان قائماً قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر على صعيد الاقتصاد أصبح مستحيلاً بعد هذا التاريخ.