أزمة الغواصات.. عقاب باريس أم لزوم المواجهة؟
ملف "الهيمنة على الصادرات العالمية من الأسلحة" كان من أبرز الملفات التي يمكن أن نضع الصراع حولها في إطار الخلاف الحالي بين باريس وواشنطن، حول صفقة الغواصات الأسترالية.
تعددت التحليلات بشأن خلفيات وأسباب اندلاع الأزمة الأخيرة بين فرنسا من جهة، والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والمملكة المتحدة من جهة أخرى، على إثر إعلان تأسيس تحالف "أوكوس" الأمني بين الدول الثلاث، والذي يستهدف تعزيز التمركز العسكري للدول الغربية في المحيط الهادئ. الأكيد أن هذه الأزمة لها خلفيات تاريخية عميقة وضاربة في صلب العلاقة بين باريس وواشنطن، منذ انتهاء الحرب الباردة حتى اليوم.
محطات الصدام بين البلدين كانت متعددة على مدار العقود السابقة، وكان محركها الأساسي هو الرغبة الفرنسية الدائمة في إعادة تحويل دفة سياستها الخارجية لتتحرر من القيود التي فرضتها عليها الظروف المصاحبة للحرب العالمية الثانية، وهذا بدا واضحاً عقب نهاية الحرب مباشرة، حيث طفا على السطح تململ الفرنسيين من المحاولات الأميركية للهيمنة على القرار الأوروبي، خاصة بعد إنشاء حلف شمال الأطلسي عام 1949.
الذهنية الفرنسية في ما يتعلق بهذا الحلف كانت ترتكز دوماً على محاولة التحرر قدر الإمكان من القيود التي يفرضها الانتماء إليه، سواء على مستوى التسليح غير التقليدي، أم في ما يتعلق بالتموضع الإقليمي والدولي، والعلاقة بين باريس ودول أفريقيا وآسيا. هذا التوجه كان دوماً سبباً رئيسياً من أسباب تكرر الصدام بين فرنسا من جهة، وقيادة الحلف ومن خلفها الولايات المتحدة من جهة أخرى، وقد بات هذا الصدام أكثر وضوحاً بعد الدور الأميركي في إيقاف الهجوم الفرنسي- البريطاني - "الإسرائيلي" المشترك على مصر عام 1956.
منذ ذلك التوقيت شهدت العلاقات بين باريس والولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص، وبين باريس وحلف الناتو بشكل عام، تقلصاً مستمراً، خاصة في ما يتعلق بالجوانب العسكرية، حيث بدأت فرنسا أوائل عام 1959 بالتقليص التدريجي لمشاركة وحداتها البرية والبحرية في عمليات الحلف العسكرية، وبحلول منتصف ستينيات القرن الماضي، بدأت باريس بسحب ضباطها الموجودين في القيادة العسكرية المشتركة للحلف، ووصلت ذروة التوتر بين الجانبين إلى أقصى حد لها عام 1966، حين طلبت باريس رسمياً من الولايات المتحدة ضرورة إغلاق قواعد الحلف على الأراضي الفرنسية، وهو ما تمّ فعلياً بشكل فوري، وتم بموجبه أيضاً نقل مقر حلف الناتو من العاصمة الفرنسية إلى بلجيكا. منذ ذلك التوقيت، ظلت باريس خارج القيادة العسكرية الموحدة لحلف الناتو، إلى أن عادت إليها في منتصف عام 2009.
الغزو الأميركي للعراق كان محطة أخرى مهمة من محطات العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، حيث عارضت باريس بشدة هذا الغزو، وهو ما كانت له رواسب ممتدة في العلاقة بين الجانبين، لكن يمكن القول هنا إن ملف "الهيمنة على الصادرات العالمية من الأسلحة" كان من أبرز الملفات التي يمكن أن نضع الصراع حولها في إطار الخلاف الحالي نفسه بين باريس وواشنطن، حول صفقة الغواصات الأسترالية؛ فباريس منذ عقود تحاول قدر الإمكان أن تحتفظ لنفسها بموقع خاص في ما يتعلق بالمنظومات العسكرية المتنوعة، خاصة في ما يتعلق بالقوة الجوية والقوة البحرية، لذا رفضت بشكل قاطع المشاركة في المشاريع الأوروبية المشتركة لإنتاج المقاتلات، مثل مقاتلة "تايفون" ومقاتلة "تورنيدو"، وراهنت بشكل "فيه بعض التهور"، على تسويق مقاتلتها في الأسواق الشرق أوسطية والآسيوية.
وقد نجحت باريس في هذا الصدد نجاحاً ملحوظاً، خاصة بعد تزويدها سلاح الجو المصري بهذه المقاتلة، حيث تعاقدت عليها معها دول عديدة مثل الهند وقطر، ما أسهم بشكل لافت في زيادة حصة باريس من صادرات السلاح العالمية. المفارقة هنا أن تاريخ توقيع صفقة الغواصات بين فرنسا وأستراليا - والتي يعدّ إلغاؤها هو السبب الرئيسي للأزمة الحالية بين البلدين - كان عام 2016، الذي شهد تحقيق الصادرات الفرنسية من الأسلحة رقماً قياسياً بلغ نحو 17 مليار دولار.
إنجاز فرنسي تم إحباطه أميركياً
بالعودة إلى صفقة الغواصات الفرنسية إلى البحرية الأسترالية، فقد كانت هذه الصفقة بمثابة إنجاز ضخم لمجموعة "نافال" الفرنسية، حيث بلغت قيمة هذا العقد عند توقيعه نحو 50 مليار دولار أسترالي، أي ما يوازي 90 مليار دولار، وهي قيمة قياسية لصفقة كانت ستتزود بموجبها البحرية الأسترالية باثنتي عشرة غواصة عاملة بالديزل، من الفئة "شورتفين باراكودا"، وهي فئة معدلة من الغواصات الفرنسية النووية الأحدث من الفئة "باراكودا"، لإحلالها محل أسطول الغواصات الأسترالية الحالي من الفئة "كولينز" المتقادمة.
خسارة هذا العقد لم تكن فقط مؤلمة بالنسبة إلى فرنسا على المستوى المالي والاستراتيجي، لكنها كانت شرارة إطلاق ما يشبه "حرب غير معلنة" على مجموعة "نافال" البحرية، التي كان لها خلال السنوات الماضية العديد من العقود الناجحة مع دول شرق أوسطية وآسيوية عديدة. تقدر خسائر هذه المجموعة من جراء إلغاء العقد الأسترالي بنحو 65 مليار دولار على الأقل، وخاصة أن الشركة فقدت عقوداً محتملة أخرى على خلفية هذه الأزمة، منها عزوف البحرية المغربية عن إكمال المحادثات التي كانت جارية مع المجموعة الفرنسية لشراء فرقاطات جديدة، وتفضيلها الشركة الإيطالية "فيكانيتري"، وكذلك إلغاء رومانيا لعقد مع المجموعة، كانت قد وقّعته في تموز/يوليو 2019، وتقدّر قيمته بنحو 1.2 مليار يورو، كانت ستتزود بموجبه بأربعة كورفيتات من الفئة "جاويند".
هذه الضربات المتلاحقة عمّقت جراح المجموعة الفرنسية العملاقة، التي تواجه منذ أشهر أوقاتاً عصيبة نتيجة لفشلها في توقيع عقود جديدة، وتصاعد منافسة الشركات الإيطالية والألمانية لها، خاصة في ما يتعلق بدول مثل المملكة العربية السعودية وبولندا ومصر، وفعلياً باتت اليونان هي الفرصة الأخيرة أمام المجموعة الفرنسية من أجل تعويض خسائرها، وتفادي تقليص عدد موظفيها ومنشآتها التصنيعية، حيث تتنافس حالياً للفوز بمناقصة تبلغ قيمتها نحو ستة مليارات يورو، لتوريد نحو 12 فرقاطة لمصلحة البحرية اليونانية.
اللافت هنا أن هذه الموجة من العقود غير المكتملة، شملت أيضاً شركات فرنسية أخرى، مثل شركة "داسو" للأنظمة الجوية، التي حققت خلال السنوات الأخيرة نجاحات ملحوظة في تسويق مقاتلات "رافال"، لكنها أصيبت بضربة قوية بعد إعلان سويسرا رسمياً أنها اختارت شراء المقاتلات الأميركية "أف-35"، بقيمة تتعدى ستة مليارات دولار. مبعث الصدمة الفرنسية لم يكن فقط بسبب خسارة هذا العقد الكبير، لكن أيضاً بسبب اكتشاف فرنسا أن السلطات السويسرية كانت منذ البداية قد اختارت المقاتلات الأميركية، لكنها دخلت في مفاوضات مع الشركة الفرنسية، بهدف التأثير بالسلب عليها مستقبلاً عند الكشف عن الدولة الفائزة بهذا العقد.
لهذا كان رد الفعل الفرنسي على الخطوة السويسرية قوياً وفورياً. بشكل عام، يمكن القول إن صادرات السلاح الفرنسية باتت منذ عام 2016 مستهدفة من عدة اتجاهات، وهو ما يمكن وضعه كسبب من أسباب إلغاء الصفقة بين باريس وكانبيرا، خاصة إذا وضعنا في اعتبارنا أن صادرات باريس من الأسلحة كانت في تناقص مستمر منذ هذا العام، حيث بلغت العام الماضي نحو 4.9 مليارات دولار فقط، مقارنة بنحو 17 مليار دولار عام 2016.
مفاجأة "غير كاملة" لباريس
بالنظر إلى ما سبق، يمكن فهم سبب الغضب الفرنسي الشديد من إلغاء الصفقة مع أستراليا، لكن على الجانب الآخر، يجب أن نضع في الاعتبار عدة نقاط في ما يتعلق بهذه الصفقة، أولاها أن مؤشرات إلغاء كانبيرا لهذه الصفقة كانت قد بدأت بالظهور بشكل واضح في كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث أثارت الصحف الأسترالية هذا الاحتمال لعدة أسباب، على رأسها تعاظم قيمة العقد منذ توقيعه حتى الآن، حيث كان من المتوقع أن تكون التكلفة الإجمالية للعقد أقل بقليل من 40 مليار دولار، لكنه بات بأسعار الفترة الحالية يراوح بين 80 و90 مليار دولار. تحدثت الصحف الأسترالية أيضاً عن تفكير البحرية الأسترالية في اللجوء إلى بدائل للغواصات الفرنسية، مثل غواصات الفئة "216" التي تصنعها شركة "تيسين كروب" الألمانية.
الصحافة الأسترالية أشارت أيضاً، على مدار الأشهر الماضية، إلى أن البحرية الأسترالية - التي كانت تخطط لتطوير ثلاث غواصات من ضمن الغواصات الست التي تمتلكها من الفئة "كولينز" السويدية الصنع، كي تستمر في العمل إلى حين تنفيذ العقد الفرنسي - باتت تفكر في تأهيل الغواصات الست، لأنها لا تثق بشكل كامل بالتزام فرنسا بتسليم الغواصات المتعاقد عليها في الموعد المتفق عليه، خاصة أن التصميمات الخاصة بالغواصات المتعاقد عليها لم يتم الانتهاء منها حتى الآن بشكل كامل.
إذن لم يكن إلغاء العقد مفاجأة "كاملة" بالنسبة إلى باريس، التي على ما يبدو ارتأت أن تلعب دور "المتفاجئ" من أجل تحصيل أكبر قدر من التعويضات المالية من الجانب الأسترالي، لكن المثير للاهتمام هنا أن أستراليا قدّمت إلغاءها لهذا العقد، في شكل تقوم فيه باختيار الغواصات الأميركية ذات الدفع النووي، عوضاً عن الغواصات الفرنسية التقليدية، وهو ما يبدو للوهلة الأولى كأنه أمر طبيعي وبديهي تختار فيه الدول الأسلحة الأفضل لاحتياجاتها.
سبب الدهشة هنا أن أستراليا نفسها هي من طلب من فرنسا أن تزودها بغواصات تقليدية لا نووية، بحجة أن كانبيرا ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، والتي تتضمن تعهّد الدول غير الحائزة للأسلحة النووية بعدم تطوير القدرات النووية بأي شكل من الأشكال، كما أن أستراليا تحظر بناء أيّ محطات نووية على أراضيها. فجأة تغيّرت هذه الاقتناعات مؤخراً، وبات رئيس الوزراء الأسترالي يرى أن حصول كانبيرا على غواصات نووية لن ينتهك الحظر الحكومي على امتلاك الطاقة النووية، ولكن حقيقة الأمر أن التحول إلى التسلح النووي سوف يطرح أسئلة عديدة، منها عمّا إذا كانت الغواصات الأسترالية ستعمل باليورانيوم العالي التخصيب، أو باليورانيوم المنخفض التخصيب، كما أن وجود البنية التحتية اللازمة لإنتاج اليورانيوم محليا، وإدامة تشغيل المفاعلات النووية الموجودة على متن الغواصات الجديدة، سيثيران من دون شك جدلاً حول حقيقة إيفاء كانبيرا بالتزاماتها نحو معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أو حتى نحو قوانينها الخاصة.
ورغم وجاهة المنطق الأسترالي في ما يتعلق بالحصول على غواصات أميركية ذات دفع نووي، إلا أن الغواصات الفرنسية التي كان من المفترض أن تحصل عليها كانبيرا كانت على درجة عالية من التقدم، حيث تم تعديل تصميمها بحيث يتم تقليل الضوضاء الناتجة عن محركاتها بصورة كبيرة، وتم تزويدها بالجيل الثاني من أنظمة الدفع اللاهوائي، التي تتيح لها العمل بشكل مستمر تحت المياه لمدة تصل إلى 35 يوماً، إلى جانب احتوائها على غرفتين يمكن من خلالهما إطلاق ما يصل إلى 16 ضفدع بشري إلى المياه من أجل تنفيذ عمليات بحرية خاصة. على مستوى التسليح تميّزت الغواصات الفرنسية بطائفة واسعة من الأسلحة، حيث تحتوي إلى جانب أنابيب إطلاق الطوربيدات والألغام البحرية، على ستة خلايا إطلاق عمودية، يمكن من خلالها إطلاق تشكيلة متنوعة من الصواريخ المضادة للسفن والطائرات، إلى جانب إطلاق الطائرات من دون طيّار وصواريخ الكروز.
حصول كانبيرا، بموجب اتفاقية "أوكوس"، على ثماني غواصات أميركية من الفئة "فيرجينيا" تعمل بالدفع النووي، يمثل بالقطع إضافة كبيرة للبحرية الأسترالية، نظراً إلى احتياجها في هذه المرحلة لغواصات قادرة على العمل لفترات طويلة تحت المياه، خاصة في ظل تزايد حدة المواجهة مع الصين، وهو ما يوفره الدفع النووي، لتصبح بذلك أستراليا ثاني دولة في العالم يُسمح لها بامتلاك هذه التكنولوجيا الحساسة، بعد بريطانيا التي سمحت لها الولايات المتحدة بذلك منذ العام 1958.
كانبيرا تحدّد تموضعها
امتلاك الغواصات الثماني يأتي ضمن خطة أسترالية أوسع لتحديث سلاحها البحري والجوي، تشمل تطوير غواصات الفئة "كولينز" بقيمة تصل إلى 6.4 مليارات دولار أسترالي، وكذلك تطوير أنظمة إدارة النيران في مدمرات الفئة "هوبارت" بقيمة تصل إلى 5.1 مليارات دولار أسترالي. كذلك تشمل هذه الخطة شراء صواريخ "توماهوك" الأميركية الجوالة، لتسليح مدمرات البحرية الأسترالية الثلاث من الفئة "هوبارت"، ومقاتلات لسلاح الجو الأسترالي من نوع "أف-35". وهذا يضاف إلى شراء البحرية الأسترالية 12 كورفيت من شركة "لورسن" الألمانية، وتعاقدها على شراء تسع مدمرات بريطانية من الفئة "هانتر"، والمفارقة في هذا الصدد أن أستراليا تدرس حالياً إمكان إلغاء هذه الصفقة الأخيرة، البالغة قيمتها 25 مليار دولار، نظراً إلى مشاكل فنية، ولكن لحسن حظ كانبيراً، لن يكون ردّ فعل بريطانيا في هذه الحالة مماثلاً لرد فعل فرنسا، نظراً إلى أن بريطانيا هي الضلع الثالث في تحالف "أوكوس".
على المستوى الاستراتيجي العام، يبدو أن أستراليا قد اختارت تموضعها المستقبلي في الصراع المحتمل في المحيطين الهادئ والهندي؛ فسابقاً صرّح رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون عام 2018 ، بأن أستراليا يمكن أن تحصل على كل شيء - الأمن عبر الولايات المتحدة، والشراكة الأقتصادي، مع الصين - لكن الآن بات التوجه الأسترالي بشكل كامل نحو الولايات المتحدة. هذا التحالف الجديد يعزز الذهنية التي باتت تتشكل مؤخراً حول علاقة الولايات المتحدة بأوروبا، التي باتت ترى أن واشنطن تنظر إلى معظم الدول الأوروبية نظرة مختلفة عن الدول "الأنجلو ساكسونية"، وأنها تتحالف اليوم مع أقدم حليفين لها على مدار العقود الماضية، وهو ما يكرس المخاوف الدولية من أسلوب تعامل الولايات المتحدة مع الدول الحليفة لها، خاصة في ظل الانسحاب المفاجئ من أفغانستان، وطريقة تعاملها مع دول الخليج، ومؤخراً مساهمتها الأساسية في إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية.
فرنسا من جانبها كانت تشعر بهذا الفارق في تعامل الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي مع توجهاتها الاستقلالية، خاصة أن الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون كانت له تصريحات لافتة تؤكد هذا الشعور، خاصة عام 2019، حيث اعتبر أن حلف الناتو بات يعاني من "موت سريري"، ودعا إلى إنشاء "جيش أوروبي موحد ومستقل عن حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة". فرنسا ومعها ألمانيا عارضتا محاولات الرئيس الأميركي بايدن، خلال قمة حلف الأطلسي في حزيران/يونيو الماضي، حشد أوروبا لدعم توجهاته في مواجهة الصين، وكانت لباريس مواقف مستقلة في هذا الصدد، آخرها مؤخراً، حين وافقت على مد خط الألياف الضوئية البحري العملاق (شنغهاي مرسيليا) بينها وبين الصين.
وأخيراً، ورغم أن التوقعات لا تشير إلى تصعيد فرنسا لهذا الملف بشكل واسع، إلا أن أزمة الغواصات الفرنسية لم تكن فقط دليلاً على أن الولايات المتحدة باتت تضع المواجهة البحرية مع الصين في صدارة أولوياتها في الوقت الحالي، بل كانت أيضاً دليلاً على تغيّر جذري في طريقة تعاطيها مع حلفائها وأصدقائها، خاصة أولئك الذين يحاولون الحفاظ على هامش من حرية الحركة والقرار، والأكيد هنا أن الصين ستكون مستفيداً رئيسياً من هذا التعارض بين الحلفاء، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار حجم ما سيضاف إلى البحرية الصينية - الأولى عالمياً - من قطع بحرية وغواصات، في غضون الأعوام العشرة التي سيتم فيها إنتاج بعض الغواصات النووية الأميركية التي ستحصل أستراليا عليها.