ماذا تفعل قوات المارينز في تونس؟

بعد 14 كانون الثاني/ يناير كثُر الحديث في تونس على طموحات لواشنطن بتركيز قاعدة عسكرية في بنزرت ثم انتقل الحديث وقتها من طموحات إلى وجود فعلي لقاعدة في الجنوب ، لكن أياً من هذه الأخبار لم يكن مبنياً على حقائق.

لكن  منذ سنتين انتقل الحديث من شكوك حول وجود قاعدة عسكرية إلى شكوك حول تواجد قوات من المارينز في تونس تشارك في عمليات عسكرية، ازدادت هذه الشكوك بعد ما قاله رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي في شهادته على العصر ،  حول منعه الإدارة الأميركية من إرسال قوات للمارينز إلى الأراضي التونسية ، ورد وزير الدفاع  في ذلك الوقت مؤكّداً أن قوات المارينز دخلت تونس فعلاً و بإذن من الرئيس السابق ، لكن الوزير أعطى تعليمات بتجريدهم من سلاحهم وتغيير صفتهم إلى "أعوان تابعين لحماية السفارة الأميركية"بعد الهجوم على السفارة الأميركية في سنة 2012 ، لكن تقارير  كثيرة تؤكّد مشاركة المارينز في عمليات عسكرية على الحدود الغربية لتونس.

على مدى الثماني سنوات التي أعقبت الثورة التونسية لم تخف السلطات التونسية تعاونها الأمني  والعسكري مع الولايات المتحدة الأميركية، ولطالما  حصرت تونس هذا التعاون في تقديم واشنطن الدعم اللوجيتسي والتدريب لقواتها. لكن شكوكاً حول تفاصيل ومستوى هذا التعاون كانت تُثار في كل مرة تتسرّب فيها اخبار تتحدّث عن مشاركة ميدانية لجنود أميركيين في عمليات عسكرية. بدأت هذه الشكوك بعد نشر مجلة ناشيونال أنترست الأميركية تقرير الثلاثاء 18 سبتمبر/أيلول 2018 بعنوان "الولايات المتحدة توسّع حربها في تونس" تحدّث عن الوجود العسكري الأميركي في تونس وبالخصوص عن مشاركة قوات المارينز في عملية عسكرية عام 2017 في جبل سمامة في القصرين، كما أكّد متحدّث بإسم القيادة الأميركية في إفريقيا  في تقرير  في جريدة تاسك بيربورز  أن "إثنين من قوات المارينز قد تم توسيمهما بعد مشاركتهما  في معركة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في بلد بشمال إفريقيا " ، قتل في العملية الإرهابيان هشام المسعدية أصيل ولاية باتنة الجزائرية وعمار بن حمادي أصيل محافظة الكاف التونسية ، ونشرت صفحات تتبع كتيبة عقبة إبن نافع صوَر الإرهابيين إعترافاً بمقتلهما.

وتقول المعلومات أن القوات الأميركية بمعيّة القوات التونسية اشتبكت مع عناصر تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب وهي كتيبة عقبة بن نافع والتي كانت مصدراً لعدد من الهجمات في الحدود الغربية لتونس،  واستلزمت العملية طلباً للدعم الجوي لمواجهة الإرهابيين الذين حاولوا تطويق القوّة الأميركية-التونسية المشتركة من الخلف وهو ما أجبر قوات المارينز على إطلاق النار..

من جهة أخرى نشرت وكالة مينا ستريم للأبحاث والمخاطر  صوَراً  على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تقول إنها لقوات من المارينز  في قاعدة سيدي أحمد العسكرية في محافظة بنزرت ، كما نشرت الوكالة صوَراً لمعدّات كبيرة الحجم تقول إنها تابعة لهذه القوات . تُعنى الوكالة بالمخاطر والتحديات الأمنية التي تواجه دول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل .

كما نشر مركز دراسات يُعنى بالطائرات من دون طيّار  ومقرّه واشنطن صوَراً فضائية للقاعدة العسكرية سيدي أحمد في بنزرت،  التقطت في 7 أكتوبر 2016 يقول إنها دليل على وجود طائرات من دون طيّار  تتبع الجيش الأميركي في تونس. تأكيداً لهذا نشرت جريدة واشنطن بوست تقريراً بتاريخ 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 يقول إن الولايات المتحدة سمحت بطريقة سرّية  لشبكة الطائرات من دون طيّار  بمساعدة تونس في القيام بعمليات تجسّس على الحدود مع ليبيا لحماية حدودها من هجمات الإرهابيين.

يُضاف إلى ذلك تقرير نشرته مؤخراً جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 03 آذار/ مارس بعنوان "تونس والولايات المتحدة تكافحان الإرهاب سوياً ولكن لا تسأل عن الأمر" ، التقرير أماط اللثام عن دور طائرات الاستطلاع الأميركية في الملاحقة والكشف عن فلول الإرهابيين على الحدود الليبية. وحسب التقرير طلبت الولايات المتحدة من تونس القيام بطلعات جوية من القواعد الجنوبية ، إلا أن التونسيين أكّدوا على أهمية سرّية التعاون، وتقول الصحيفة إن القوات الإميركية وسّعت حضورها وبهدوء في الأراضي التونسية خلال السنوات الماضية، حيث يقوم نحو 150 أميركياً بنصح وتدريب الضباط التونسيين في أكبر عملية مكافحة إرهاب على القارة الأفريقية حسب مسؤولين أميركيين. من جهة أخرى وفي شهادته أمام الكونغرس قال قائد القيادة المركزية في أفريقيا (أفريكوم) توماس جي والدهواسر إن تونس تُبدي استعداداً كبيراً في التعاون وإنها من بين أفضل الشركاء في مكافحة الإرهاب. لكن المسؤولين التونسيين ورغم التقارير التي تتوارد بين فترة وأخرى لم يؤكدوا هذه المعلومات، وقال كمال العكروت مسؤول الأمن القومي "لدينا تعاون مكثّف مع الولايات المتحدة وكذا مع الدول الأخرى" لكنه لم يؤكّد ولم ينف أية معلومة وردت في التقرير. دعمت واشنطن تونس سنة 2017 بأكثر من 119 مليون دولار، إضافة إلى سترات واقية ومناظير ليلية ومعدّات لكشف المتفجّرات، لكن المتابع لملف التعاون العسكري بين تونس وواشنطن يُدرك أن مثل هذه العمليات محل ارتياب وقلق شديدين خاصة بالنسبة للجزائر التي ما فتئ الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي يُطمئنها ،غير أن تطمينات السبسي بعد التقارير المتتالية تفقد وزنها شيئاً فشيئاً، فكثيراً ما تذرّعت الولايات المتحدة بحربها على الإرهاب لولوج مناطق عدّة من العالم وإقامة قواعد عسكرية دائمة.