حكومة مُهترِئة قبل تشكيلها.. ماذا بعد تأليفها؟

يترنّح رئيس الحكومة المُكلّف في تأليف حكومته إلى اليوم، تارة نجد أن العُقَد حُلّت في سحر ساحِر وأن حكومة الحكّام على وشك أن تولَد، يفضل تسميتها بحكومة الحكّام لأنها فعلياً هي تقاسُم لخيرات البلاد بينهم وليست حكومة الشعب اللبناني. وأيضاً إذا تمعّنا جدّياً نجد أنها حكومة الخارج، ما تفرضه الدول على لبنان يعمل به. وتارةً أخرى يتعطّل تشكيل الحكومة عقب عقدة جديدة وإن كانت قديمة مثل العقدة السنّية التي لن تُحَل إلا بأمرٍ من السعودية مباشرة عبر السماح للرئيس المُكلّف في توزير نائب سنّي من فريق 8 آذار.

لا يأمل اللبنانيون شيئاً من حكومة مُهترِئة حتى قبل ولادتها

إنها حكومة توزيع الحصص في ما بينهم، حكومة السنّي والمسيحي والشيعي والدرزي ... حكومة جامِعة على حد تعبيرهم. حكومة أحزاب، مصالح، مُكتسبات وإثبات قوّة هذا الفريق وقُدرته على التعطيل والوقوف في وجه الآخر. لا أحد يأبه بحاجات  اللبناني من حكومة الحكّام وماذا يُنتظَر منها، لأنها كسابقاتها ستزيد المواطن اللبناني بأعباء اقتصادية ومعيشية إضافية.

يضحك اللبنانيون من هذه المهزلة التي لطالما فكّر صانعوها في مُكتسباتهم ومنافعهم الشخصية على حساب مصلحة المواطن الفقير ، الذي ملّ من سِجالاتهم ووعودهم التي لا تُجدي نفعاً ولا تغيّر من واقعٍ أليمٍ يعيشه؛ ليس لأن لبنان بلد غير مُجدٍ إنما لأن حكّامه تواتروا على اقتناص منافعهم من حقيبة وزارية سيحصلون عليها.

على نارٍ متوهّجةٍ كل حزب يقصف من جهته الجبهة الأخرى، وكأن لبنان في حالِ حربٍ على الوزارات، على كَمْ حقيبة سيحصل  هذا الحزب؟ ما هو نوع الحقيبة؟ الأسماء؟ وألخ... ليس هناك شعور بالمسؤولية تجاه وطن أضاعوه في غرائزهم المالية التي لا تنتهي وجشعهم السياسي اللا ُمتناهي. حكومة دائماً هي هي لا مجال للتغيّر ولا حاجة للتغيير ما دام حاميها حراميها. هل سُئِل اللبناني مرّة واحدة في تاريخ لبنان الحديث ماذا يُريد؛ ماذا ينتظر من هذه الحكومة؟ لن يسأل هذا المواطن عن شيء بسب عدم قدرة حكومة الأحزاب حاكِمة لبنان أن تحقّق شيئاً. طالما أن الأحزاب تُديرها وتُسيطر على حياتها السياسية والاقتصادية؛ أما الفساد فحدِّث ولا حَرَج.

لا يأمل اللبنانيون شيئاً من حكومة مُهترِئة حتى قبل ولادتها، حكومة تسودها النزاعات حتى قبل تشكيلها فما بالك عند إعلان أسماء مُستفزة من كل حزب. مَن اختار هذه الأسماء وبدعم مَن؟ كيف حُلّت عقدة القوات اللبنانية هل بناءً على أمرٍ سعودي؟ ما علاقة إيران وسوريا في الأزمة الجديدة. هل لديهما الوقت الكافي للالتفات إلى الحكومة اللبنانية ومشاكلها وكل دولة منهما تحارب أزماتها الداخلية والإقليمية. العديد من الدول تريد شيئاً من حكومة الحكّام ولكن؟ أنت أيّها اللبناني ماذا تحلم؟ هل في حكومة تتشكّل في غضون يومين من خلال قرار داخلي بحت لا يرضى تدخلاً خارجياً كما يحصل في الدول التي تحترم سيادتها واستقلالها وأهم شيء شعبها؟ هل في حكومة تهتم بمشاكل المواطن المعيشية التي أهلكت كاهله؟ أم بدولة قوية تحارب فساداً مُستعصياً فتك في كل الإدارات أو بالأحرى في الدولة ذاتها. هل في حكومة تبحث عن حلٍ لأزمة اللاجئين الذين ملأوا وطنك وأثقلوه في مزيدٍ من الأعباء الاقتصادية. والآن لا تُراد لهم العودة إلى وطنهم علّهم يحقّقون من خلالهم المزيد من المُزايدات السياسية. الشباب اللبناني أين مستقبلهم في هذا البلد؟ مصيره بعد التخرّج أليس الهجرة إلى دولةٍ جديدةٍ تحفظ له كرامته تستفيد من قدراته الفكرية بعد أن تخلّى السياسيون الحكّام أصحاب القرار عنه. فنحن في لبنان لسنا بحاجةٍ إلى الشباب المُثقّف المُتعلّم ما دام الله أهدانا خيرة المسؤولين المُتخصّصين في نَشْرِ الفساد في دولةٍ مزَّقتها الأهواء والمصالح السياسية على حساب شعب تمنَّى التغيير والتطوّر ولكن من دون جدوى!!

كفانا ذُلاً ومهانة، كفانا فساداً ولعباً في إدارة مُقدّرات هذا البلد. هل أنتم منزلون وأصحاب حق، ألم تحاسبكم ضمائركم وتحثّكم على حماية مصالح هذا البلد ومواطنيه والعمل على تخفيف أعبائه المالية والاقتصادية والاجتماعية؟ أليس من فرصة واحدة للتغيير ومع أن الأمل ضئيل في المستقبل القريب يبقى الرِهان  على الحكومة هل ستتشكّل أم سينتظر لبنان انبعاث الدخان الأبيض من الخارج؟