جولة أردوغان إلى أفريقيا.. الأسباب والدلالات!!

سبع سنوات من مد وجزر المعركة السياسية حول سوريا، ولا يزال الموقف التركي متقلّباً لا يثبت على حال، فما هي الأسباب وراء عودة الرئيس رجب طيب أردوغان للإدلاء بتصريحات استفزازية حول سوريا؟ لابد من الإشارة إلى أن جولة أردوغان في أفريقيا هي ذات الأهداف لإحياء الإرث العثماني في المنطقة باحتلال دام قرون جذر فيه الجهل والتخلف لكنها بقالب إخواني في هذه المرحلة يتزعّمها رئيس حزب العدالة والتنمية أردوغان.

جولة أردوغان إلى تركيا لها جملة من الأهداف الاقتصادية والسياسية والعسكرية

الجولة لها جملة من الأهداف الاقتصادية والسياسية والعسكرية حقّق أردوغان العديد منها وكان أهمها منح الرئيس السوداني حق إدارة جزيرة سواكن لتركيا لأهميتها الجغرافية لجهة لعب دور جيوسياسي من قِبَل تركيا في تلك البقعة الجغرافية.

أما محطته الثانية فكانت في تشاد وهناك نشاط كبير للمجموعات الإرهابية والتي رحلت من سوريا والعراق، إضافة لبعض التنظيمات الإرهابية المحلية بعد فشل مخططاتهم في بلاد الشام لاحتواء تلك العصابات الإرهابية من قبله.
أما تصريحاته الاستفزازية ضد الدولة السورية فكانت من محطته في تونس حيث يتواجد العديد من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين يتزعمهم راشد الغنوشي والذي يتلقّى الدعم المباشر من أردوغان وحزب العدالة.
إن سياسة الانقلاب والتغيير والتلوّن وعدم الثبات على المواقف والمبادئ من أهم مبادئ سياسة أردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي.
ما قاله أردوغان في تونس ليس انقلابه الأول في الأقوال والأفعال، البلاء الذي حصل في سوريا والذي طال الشعب والدولة السورية كانت بوابته الرئيسية من تركيا عبر أردوغان ، لجهة تبنّي ودعم وتقديم التسهيلات لدخول كل إرهابيي العالم من البوابة التركية يوجّهها أردوغان وهذا ما جاء على لسان وتصريحات شركاء المؤامرة على سوريا من ساسة أميركيين أو خليجيين وكان آخرها تصريحات حمد وزير خارجية قطر السابق.
أردوغان انقلب على مؤتمر سوتشي ثم عاد عن كلامه في أستانا 8، ثم انقلب على ذلك في التصريحات التي أدلى بها من تونس 27-12 والحبل على الجرار.
إنّ إعلان وزارة الدفاع القطرية وصول تعزيزات عسكرية من القوات المسلحة التركية والالتحاق بالقوات التركية الموجودة في قطر يؤكد مما لا يدع للشك إلى أنّ هناك عملاً عسكرياً ما يحضّر في المستقبل أهم مؤشراته هو الاجتماع الثلاثي الذي عُقد بين رؤساء الأركان للدول الثلاث تركيا والسودان وقطر ، وتزامن ذلك مع الجولة التي قام بها أردوغان في أفريقيا ، ويأتي في ذات الإطار تصريح السفير التركي في قطر فكرت أوزو وكشفه عن تدشين أول مصنع قطري للعتاد العسكري في الدوحة بدعم تركي ، ومما يؤكّد أن شيئاً يُخطّط ويُرسَم في المنطقة وخاصة في أفريقيا، أما الكلام الغامض لأردوغان أثناء توقيعه الاتفاق مع عمر البشير الرئيس السوداني في إدارة جزيرة سواكن من قِبِل تركيا حيث قال (أردوغان إن هناك ملحقاً لن أتحدّث عنه الآن).
بعبارة واضحة إنّ هذه الجزيرة ستصبح قاعدة حقيقية لتدريب الإرهابيين من الإخوان المسلمين وتخزين السلاح ، تقوم بهذه المهمة الشركات التركية وبتمويل قطري هدفهم حركات التحرّر الوطني والدول التي ترفض التبعية وأول أهدافهم الأمن القومي المصري.
إنّ حلفاء الدولة السورية روسيا وإيران تدركان جملة هذه التغيّرات في المسار السياسي لأردوغان في إقباله وإدباره والحدود التي يمكن أن يصل إليها.
وإنّ هذه من أهم السمات السياسية الطورانية (أجداد) أردوغان تجسّدت في زئبقيّتهم وتحالفاتهم بالحرب العالمية الأولى ما بين ألمانيا وبريطانيا ، ونشهد اليوم وبنفس الروح والحركة في السياسية العثمانية الجديدة بطبعة أخوانية ما بين الحليف الروسي والإيراني من جهة والأميركي من جهة أخرى وتموضعه غير المستقر بين المحورين.
أخيراً إنّ هناك استجابة لدى الجانب الروسي للطلب التركي بعدم حضور أو تمثيل الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني في سوتشي لسد ذرائع التعطيل التي يمارسها دائماً التركي مع حرص شديد من قبل روسيا وإيران، على التمثيل الأوسع للأكراد وكما قال الكسندر لافر نتيف : "سعينا لتمثيل السوريين الأكراد إلى الحدود القصوى في سوتشي".
أما الحقيقة المطلقة والتي لا يستطيع الجانب التركي التصريح بها علناً واتخاذ المواقف منها هو إصرار الروس والدولة السورية ومحور المقاومة على اجتثاث الإرهاب المتمثّل بالنصرة وأخواتها في إدلب بعد القضاء على داعش والمصنفة أممياً منظمة إرهابية، ولجهة عدم إمكانية تحقيق الأهداف التي رسمها أردوغان منذ بداية هذه الحرب الظالمة التي شنّت ظلماً وعدواناً على الدولة والشعب السوري عبر هذه العصابات الإرهابية.