سيناريوهات التفرقة وتدمير العالم العربي من النيل إلى الفرات

هذه المُصطلحات السياسية تحتاج إلى ضبط وقراءة جديدة وإعادة كتابتها وصوغها بطريقة جديدة تتماشى مع القوانين الدولية ومع العقل العربي. فالحرب الموجّهة على عالمنا العربي والإسلامي، يختلف شكلها عن الحروب التقليدية القديمة وتأخذ شكلاً مختلفاً ومتنوّعاً. فكانت الحرب على العراق، وأول ما استهدفوا النظام ومن ثم ذهبوا إلى الجيش وفتّتوه. وهذا السيناريو ذاته نراه في سوريا وفي ليبيا وفي كل مكان في العالم العربي. فالعالم الغربي والصهاينة يستهدفون الدول العربية العظيمة من العراق إلى اليمن إلى سوريا إلى ليبيا إلى الجزائر إلى تونس إلى الخليج، حتى الدول التي لم يأتِ إليها ما يُسمَّى بالربيع العربي سيأتيها الدور في المستقبل، كل السيناريوهات تتكرّر في عالمنا العربي.

استهدفوا معلولا لأنها مسيحية شرقية وحاولوا أن يحرّكوا الأحقاد التي تُخرِج الإنسان من مواطنته

مُصطلح الأقليات، مُصطلح سياسي مُزعج، نستمع إليه في الإعلام وفي القنوات التلفزيونية. ومع الأسف هذا المُصطلح المُزعج تم تمريره على العقل العربي. وهو مُصطلح عُنصري لا ينمّ عن وعي سياسي أو إعلامي، ولكنه مُصطلح مُتعمّد، الغاية منه إعطاء إشارات سلبية للمكوّنات المنتشرة في أرجاء الكرة الأرضية. في عالمنا العربي تم ترويج هذا المُصطلح وتمريره لغايات ولخدمة مصالح وجهات أجنبية ساهمت بشكل مباشر في الحرب المُفتعلة في عالمنا العربي خلال السنوات السبع الماضية.

هذه المُصطلحات السياسية تحتاج إلى ضبط وقراءة جديدة وإعادة كتابتها وصوغها بطريقة جديدة تتماشى مع القوانين الدولية ومع العقل العربي. فالحرب الموجّهة على عالمنا العربي والإسلامي، يختلف شكلها عن الحروب التقليدية القديمة وتأخذ شكلاً مختلفاً ومتنوّعاً. فكانت الحرب على العراق، وأول ما استهدفوا النظام ومن ثم ذهبوا إلى الجيش وفتّتوه. وهذا السيناريو ذاته نراه في سوريا وفي ليبيا وفي كل مكان في العالم العربي. فالعالم الغربي والصهاينة يستهدفون الدول العربية العظيمة من العراق إلى اليمن إلى سوريا إلى ليبيا إلى الجزائر إلى تونس إلى الخليج، حتى  الدول التي لم يأتِ إليها ما يُسمَّى بالربيع العربي سيأتيها الدور في المستقبل، كل السيناريوهات تتكرّر في عالمنا العربي.

فإذا نظرنا إلى ما حصل في العراق استهدفوا في البداية النظام ونجحوا في إسقاطه ومن ثم الجيش العراقي، بعد ذلك بدأوا بالقضايا الطائفية ودعموا الميليشيات السنّية والشيعية، فعمّت الفوضى. وأثناء هذه الفوضى سيطروا على كل مكان، المتاحف ووزارة النفط وسرقوا الأموال. وبعد أن استتّب الأمر جاؤوا بفكرة داعش، أدخلوا داعش إلى العراق  ليفرّق الجغرافيا العراقية من مكوّنها الأصلي أكراد، آيزيديين، آشوريين، سنّة، شيعة. من الفلوجة إلى الموصل، استهدفوا المعابد الديانات والمِلَل وكل هذه المكوّنات وصوّروها بتقنيات عالية الجودة وبطريقة مُرعبة متعمّدة  ونشروها في الإعلام لنشر الرعب بين مكوّن مُحدّد، بأن هناك هجمة من فلان  ومن طائفة فلان ودين فلان، وأنهم يريدون إقصاءك عن هذه الدولة. هذا المكوّن بعد أن خرج من الموصل على سبيل المثال وأية منطقة من العراق يتم استخدامه في ما بعد، بعد أن انتهوا من كارت داعش، سلّطوا الضوء على  مظلومية هذا المكوّن. وهذا الخبث خبرناه مع البريطانيين في فلسطين. العرب كانوا أكثرية في فلسطين وكان اليهود أقلّية. مَن دعم اليهود؟ مَن حرّض اليهود؟ مَن موّل اليهود؟ مَن أدخل اليهود؟ مَن جاء باليهود؟ تلك الأقلّية زرعتها الإدارة البريطانية في قلب فلسطين. هذه الأقلية هجّرت العرب ودمّرت العرب وكوّنت ما يُسمَّى  اليوم بإسرائيل. هذا الكيان الشيطاني في عالمنا العربي وكل ما يحدث اليوم  في العراق الجريح  وفي سوريا واليمن وليبيا وكل مكان في عالمنا العربي يصبّ في صالح الكيان الصهيوني.

لنتأمّل هذا المُخطط الكبير، الذي لا يقف عند دونالد ترامب أو باراك أوباما أو جورج بوش، هذا مُخطط كبير وقديم، يستهدفون الوطن العربي. لنعود بالتاريخ العراقي إلى حقبة الثمانينات، عندما كان العراق بقوّته حرّكوا مكوّن الأقليات من قِبَل الموساد الإسرائيلي، وحدثت حادثة حلبجة. بعد ذلك تناغم الأكراد وتواصلوا مع السلطات العراقية وقالوا نحن جزء من العراق والخيانة لا تعرف لنا طريق، ونحن مكوّن أساسي ونحن مواطنون عراقيون، وهم جزء من العراق. اليوم ماذا حدث في العراق، بعد أن انتصر انتصاراً كبيراً على الإرهاب الداعشي وسقطت ورقة داعش، دخلوا إلى العراق مرة أخرى بسيناريو جديد. حاولوا أن يفتنوا بين السنّة والشيعة وبين الشيعة والشيعة وبين السنّة والسنّة. وأدخلوا مكوّناً جديداً مكون الأكراد. اليوم الدعوة للانفصال وهذه المُباركة الكبيرة من قِبَل الكيان الصهيوني يجب التوقّف عندها، أول دولة تُبارِك بل تدعم هذا الانفصال، لماذا إسرائيل؟ لأنها تتمنّى تدمير العراق منذ نشأتها إلى اليوم وأن يتمزّق العراق ووحدة العراق وجغرافية العراق وقوّة العراق بشعبه بإرادته .

فالتنوّع العِرقي الموجود في العراق وسوريا، يُقلق الكيان الصهيوني. لذلك اليوم وخدمةً لمصالح الكيان الصهيوني يتم دعم الدعوة للانفصال، دعوة الأكراد لانفصالهم عن الجمهورية العراقية. هذه مشكلة كبيرة، وهذه جريمة بحق الدستور العراقي وجريمة قانونية بحق سيادة العراق. وبعض الدول الاقليمية تدعم ذلك، وأقول هنا كل ما يحدث في العالم هو مُخطط كبير أكبر من الدول ذاتها التي تنفّذ من دون وعي ما تُمليه عليها الإدارة الأميركية .

لنتأمّل اليوم حال الأمّة العربية. نبدأ في اليمن حرب على  أنصار الله أو الذين انقلبوا على الشرعية كما يدّعون.  لا اليمن عاصمة العرب، صنعاء فيها اليهود وفيها العرب الأقحاح والعدنانيون والقحطانيون، أصل العرب في صنعاء. قبيلة بني هاشم قبيلة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، أكبر عدد في العالم موجود اليوم من قبيلة بني هاشم في صنعاء، في قلب العروبة، لذلك صنعاء اليوم مُستهدَفة. بغداد بتنوّعها الثقافي وعروبتها وقوّتها مُستهدَفة. سوريا، دمّروا حلب  لماذا؟ حلب عَصَب دمشق الاقتصادي القوي. قضية معلولا والهجوم على هذا المكوّن العربي، وكلمة عربي تشمل الجميع  كل إنسان بعقيدته ودينه. فمعلولا تم استهدافها لأنها مسيحية شرقية وحاولوا أن يحرّكوا الأحقاد، هذه الأحقاد التي تُخرِج الإنسان من مواطنته. استخدموا هذه التقنية والتصوير المُحترِف في تدمير دور العبادة والكنائس وتعمّدوا ترويج هذه الصوَر بطريقة فنية، والمُراد منها استهداف العقل العربي وعقل المكوّن ذاته صاحب هذه الديانة أو المذهب  أو الدين، والمُراد منها أن يعيش هذا الإنسان حالاً من القلق وروح الانتقام. ويخرج من وطنيّته إلى عقيدته ومذهبه، إلى ملّته ويتوجّه إلى الانتقام. هذه طريقة استخباراتية بحتة، العمل على إخراج  الإنسان عن طوره عن طورالآدمية وإدخاله في القبلية ليتحوّل إلى إنسان طائفي، فيتحوّل الدين إلى قبلية إلى عشيرة إلى عصبية، وهذه العصبية يتم استغلالها واستخدامها من قِبَل الموساد الإسرائيلي والإدارة الأميركية والإعلام الموجّه. الحرب في اليمن هي على باب المندب والحرب في لبنان هي على مزارع شبعا، التي تغذّي اليوم كل المياه الجوفية في فلسطين، هي العصب، هي الطاقة الحقيقية لدى إسرائيل. لذا إسرائيل حريصة على مزارع شبعا ، حريصة على تيران وصنافير ، حريصة على باب المندب،  بل تدعم كل قوة تحارب وتشارك في قتل الشعب اليمني وتدمّر البنية التحتية اليمنية، وتدمّر العواصم العربية، تلقى الدعم عن طريق الإدارة الأميركية. أيضاً قضية سد النهضة وكل ما يحدث اليوم في مصر ومُعاناتها من قلّة الموارد المائية. نهراليرموك اليوم نهر جاف، ومَن يسكن في الأردن يعرف ما أقول، المياه شحيحة في الأردن، وسبب هذه المشكلة المائية في الأردن الكيان الصهيوني.

 لنتأمّل فقط  الكيان الصهيوني وعَلَمه أزرق من الأعلى واللون الأزرق أيضاً في الأسفل، من النيل إلى الفرات هذا حلم الكيان الصهيوني، ومع الأسف أخشى أن أقول إنه بدأ يتحقّق من النيل إلى الفرات. والعديد من الأنظمة العربية اليوم يساعد الكيان الصهيوني لتحقيق هذا الحلم. الكيان الصهيوني يستخدم العرب عن طريق الطائفية، ويستخدم العرب عندما أسقط أنظمتهم، وعن طريق نشْر الفوضى. واليوم يستخدم الكيان الصهيوني العرب في هذه الورقة الجديدة، الأقليات ويبرزها عبر الإعلام ويسمح لها أن تخرج عبر شاشات التلفزة في أوروبا باسم المعارضة. يظهرون ويتكلّمون عن الاضهاد الذي يعانون منه في البلدان العربية. إذا أردت الديمقراطية طالِب وناضِل عبر الدستور عبر البرلمان، ناضِل بالكلمة، تحاوَر مع النظام إن كنت مختلفاً مع  نظامك لا تتحاور مع الغرب ولا تقبل دعماً غربياً ودعماً موسادياً. هذه خيانة لوطنك وخيانة  لإنسانيتك ولمكوّنك. الإنسان يحافظ على مكانه عندما يتشبّث بحقّه الدستوري وبحقّه القانوني. ما يحدث في العالم العربي هو مخطط  كبير جداً المُراد منه تركيع هذا العالم العربي، المُراد منه سرقة كل مُقدّراته. لنتأمّل هذه الإدعاءات الكاذبة في العالم العربي والإسلامي، هذه الحمية للشعب اليمني، هذه الحمية للشعب السوري وللاجئين السوريين ودموع التماسيح التي سقطت بعد 48 على الشعب الفلسطيني. أين هذه الدموع على بورما ماذا صنعت بعض الدول الخليجية، نشجب نستنكر نقول شيئاً ندعم المسلمين، كلا. فيما نستنفر كل قدراتنا لدعم الولايات المتحدة عندما تعرّضت لكارثة الطوفان، ونقدّم لها مليارات الدولارات. الجرح غائِر جداً في صدر العالم العربي ، في صدر الأمّة العربية  وكل مكوّنات الأمّة العربية والإسلامية مُستهدَفة، لذا الوعي مهم جداً في هذه المرحلة، والتنبّه  ألا نلتفت الى إعلام موجّه مروِّج لحزب مُعيّن، إلى ملّة مُعيّنة، إلى مذهب مُعيّن، إلى مكوّن مُعيّن. ولا نسمح أبداً لإعلام يصفني بالأقلية ولكن أقول أنا مواطن. إذا كانت أنظمتنا العربية منبطحة للغرب فعارٌ على العربي أن يكون منبطحاً للغرب.