فشل إنتاج سايكس بيكو جديد

سبع سنوات عِجاف من الحرب الظالمة على الدولة والشعب السوري، رُصدت فيها كل الإمكانيات وبلا سقوف، امبراطوريات إعلامية ومالية وعسكرية وسياسية، وجيوش بالإنابة من عملاء وخونة داخل الوطن وخارجه عجزوا عن تحقيق مشروعهم نتيجة ثلاثيّة الشعب والجيش العربي السوري والقيادة، التي تميّزت بالقوة والصلابة يقف إلى جانبها أبطال المقاومة الإسلامية في لبنان مُمثّلة بحزب الله، والقوات الصديقة والرديفة من إيران وروسيا.

هيلين توماس: بريطانيا سوف تستحضر روح "مارك سايكس"، وفرنسا سوف تستحضر روح "فرانسوا بيكو"

 تحت ما سُمّي بالربيع العربي كان المُخطّط الذي حمل بين طيّاته الخراب والدمار والتجزئة والشرذمة، مشروعٌ رسم خطواته جيمس كريغ عام 2004، هدفه الأساس إنتاج سايكس بيكو جديد، عبر ولادة حدود جغرافية وهمية تُشكل فيها دول على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي،  لجهة استهداف الدول المستقرّة وأنظمتها ذات الموارد المتعدّدة والغنية وتحويلها إلى دول فاشلة، لإعادة تشكيلها وفق المصالح الاستعمارية الامبريالية، من خلال نظرية الفوضى الخلاّقة التي أطلقتها كوندليزا رايس، وإشاعة عدم الاستقرار.

 

الصحافية الأميركية هيلين توماس قبل رحيلها بعدّة أيام، كتبت مقالاً قائلة: إنني أرى أن بريطانيا سوف تستحضر روح البريطاني "مارك سايكس"، وفرنسا سوف تستحضر روح الفرنسي "فرانسوا بيكو"، وواشنطن تمهّد بأفكارهما الأرض لتقسيم الدول العربية بين الثلاثة، صدّقوني إنهم يكذبون عليكم ويقولون: إنهم يحاربون الاٍرهاب نيابة عن العالم وهم صنّاع هذا الإرهاب، والإعلام يسوّق أكاذيبهم، لأن مَن يمتلكه هم يهود إسرائيل.المشهد نراه اليوم من خلال الصراعات، وإشعال الفتنة، والحروب في عدّة دول، حالياً في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس ومصر ولبنان والبحرين وأفغانستان وتركيا،  وهذا ما يؤكّد ما كانت تسعى وتعمل لتحقيقه رايس عند إطلاقها مشروع ولادة شرق أوسط جديد، وهذه أحلام القادة وفلاسفة العدو الصهيوني.

 

وتضيف الصحافية: اليهود يسيطرون على إعلامنا وصحافتنا ويسيطرون على البيت الأبيض، وإن الإسرائيليين يحتلون فلسطين، هذه ليست بلادهم، قولوا لهم ارجعوا لبلادكم واتركوا فلسطين لأهلها، وتتابع القول إنني أرى بوادر حرب عالمية ثالثة، طُبخت في مطبخ تل أبيب، ووكالة الاستخبارات الأميركية، والشواهد عديدة، أول خطوة، ظهور تنظيمات إرهابية، بدعم أميركي لا تصدّقوا أن واشنطن تُحارب الإرهابيين، لأنهم دمية في أيدي السي آي إيه. وكما مهّدت بريطانيا لاحتلال المنطقة وتوزيعها بين قوى الاستعمار، عبر وعود توماس لورانس العرب لجهة إعطاء حرية العرب ووحدتهم إبان الاحتلال العثماني، تم وضع السيناريو الجديد (الربيع العربي)، عبر تسويق التنظيم الدولي للأخوان المسلمين (حصان طروادة) كمنتج ثوري للشعوب.

 

لكن المستهدف الرئيس في هذا المُخطّط، كان إيران الحلقة الأقوى لجهة إدراك الولايات المتحدة صلابة الجمهورية الإسلامية من الداخل، وصعوبة اختراقها كما حدث في باقي البلدان التي لفحتها نار ما سُمّي بالربيع العربي، عبر أخوَنة المنطقة، ومن خلال الراعي الاقليمي العثمانيون الجُدُد، بما يمثله أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، علماً أحد فصول هذا المشروع أخطر على الأمن القومي التركي كما يدّعي أردوغان حرصه عليه. وحتى يتم ذلك لابدّ من تدمير الدولة السورية والنتيجة الحتمية، إذا قُدّر لهم تحقيق ذلك، هو إنهاء قوة المقاومة الإسلامية، المُمثّلة بحزب الله كقوة أساسية أصبح يُحسب لها حساب في المعادلات الاقليمية، وما تشكّله من قوة رئيسة رادِعة، ومُرعِبة للعدو الصهيوني واستطالاته العدوانية  في المنطقة.

 

وما يُؤكّد هذا، كلام "جيمس وولسي" رئيس الاستخبارات الأميركية السابق الذي قال بوضوح: المنطقة العربية لن تعود كما كانت، وسوف تزول دول وتتغيّر حدود دول موجودة. وما قاله "مارك رجيف" المتحدّث باسم العدو الصهيوني: المنطقة على صفيح ساخن، ونحن لن نسكت، وننسّق مع أجهزة الاستخبارات في الدول الكبرى للقضاء على الإرهاب، وسوف نتدخّل معهم لمحاربة الإرهاب حتى لو اندلعت الحروب، لنضمن حماية دولتنا. أحد أهم هذه الشخصيات والعملاء لتنفيذ هذا البرنامج كان (إنجوس ماكين )، عُيّن قائماً بالأعمال للمملكة المتحدة في سوريا عام 2011  كانون الأول، وبعد إغلاق السفارة في دمشق، واصل مهمته في بيروت في شهر آذار 2012، ثم عُيّن قنصلاً لدولته في كردستان العراق، ثم استدعي من قِبَل m16 المخابرات البريطانية في لندن، حسب ماورد من معلومات في شبكة فولتير.

 

باعتقادي أن استدعاء المخابرات البريطانية لرجالها في المنطقة، هو إشارة حقيقية من البداية لفشل مخطّطهم بإسقاط الدولة السورية، والاستمرار في دعم قوى الإرهاب الدولي من داعش  وأخواتها، لمزيد من استنزاف الدولة السورية ومقدّراتها، التي تشكّل العقبة الرئيسة في تحقيق هذه الأحلام الصهيوأمريكية، مع محور المقاومة الممتد ليشمل طهران وبغداد ودمشق وبيروت وصولاً إلى فلسطين المحتلة. سبع سنوات عِجاف من الحرب الظالمة على الدولة والشعب السوري، رُصدت فيها كل الإمكانيات وبلا سقوف، امبراطوريات إعلامية ومالية وعسكرية وسياسية، وجيوش بالإنابة من عملاء وخونة داخل الوطن وخارجه عجزوا عن تحقيق مشروعهم نتيجة ثلاثيّة الشعب والجيش العربي السوري والقيادة، التي تميّزت بالقوة والصلابة يقف إلى جانبها أبطال المقاومة الإسلامية في لبنان مُمثّلة بحزب الله، والقوات الصديقة والرديفة من إيران وروسيا.

 

والانتقال من نصر إلى نصر عبر الجغرافية السورية والعراقية واللبنانية، وقد تُوج مؤخّراً بنصر عظيم عبر ثلاثيّة الجيش العربي السوري، والمقاومة اللبنانية، والجيش اللبناني،  تجلّى ذلك في يوم التحرير الثاني للجرود والقلمون، وقد أكّد هذا النصر العظيم على الإرهاب الدولي من صنع الإرهاب ورعاته أنفسهم، أمثال روبرت فورد السفير الأميركي السابق في سوريا، بقوله: (إن الرئيس السوري بشّار الأسد انتصر وسيبقى في السلطة)، كل ذلك يؤكّد بما لا يدع للشكّ، فشل مشروعهم الغربي في المنطقة، واعترافات المسؤولين الغربيين، وما اعتراف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بقولها: تنامي قوة الرئيس بشّار الأسد في بلاده، مشيرة إلى أن ذلك لا يروق للغرب، وماجاء على لسان الرئيس الفرنسي ماكرون في المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين، إذ اعتبر إن لدى فرنسا هدفاً مشتركاً مع إيران وتركيا وروسيا لجهة دحر داعش وأضاف: إن اجتثاث الإرهاب، يمر أيضاً عبر تجفيف مصادر تمويله.

 

تقصّدت الإطالة والشرح وعرض العديد من التصريحات، لبيان ماهو المقصود بالفوضى الخلاّقة، وكيف تم إلباس مشروعهم الشرق أوسط الجديد جلباب الربيع ووهْم الثورات.