تدمر مدينة الإبداع الحضاري في محاربة جهل الإرهاب
تُعدّ تدمر من أهم المدن الأثرية والحضارية في العالم من حيث مكانتها التاريخية عبر العصور. هي مملكة واقعة في قلب الصحراء السورية تحيط بها أشجار النخيل والزيتون تزيّن الصحراء الصفراء وتُضفي عليها رونقاً خاصاً يلبسها الزيّ الأخضر.
ولعلّ أبرز الحضارات التي نقشت وخلّدت تاريخها كانت الملكة زنوبيا حيث أطلق على المدينة لقب مملكة زنوبيا الأشهر في التاريخ الروماني القديم. وتُعدّ من أهم أبطال العصور القدماء التي خطّت تاريخها بأجمل الآثار التي كانت تزيّن تدمر. تسرد تدمر سحرها وجمالها وتاريخها العريق من خلال جدران مبانيها وتماثيلها التي تروي أهم حكايات التاريخ ألا وهو تاريخ ملكتها زنوبيا ذات الرأي السديد والحكمة الراجحة والعقل النيّر والسياسة الذكية، وإتقانها الفروسية وشدّة بأسها، هي ذات البشرة السمراء، وذات الهيبة والجمال الجذّاب والعظمة التي تلوح على وجهها من خلال التماثيل.
إن الموقع الاستراتيجي المهم ووقوعها في وسط البادية الشامية التي تفصل الشام عن العراق وتفصلها مسافة ٢٠٠ كم عن نهر الفرات في الشرق، أضف إلى ذلك موقعها وسط الطريق الفاصل بين الفرات والبحر الأبيض المتوسط تحيطها الجبال وتفصل بينها وبين الصحراء الواسعة. بفضل مكانتها الإستراتيجية لعبت تدمر دوراً بارزاً في مجال التجارة حيث شكّلت همزة وصل تجارية بين مدن الفرات والسواحل الفينيقية.
تطورت أهميتها عبر التاريخ بحسب كل طامح في السيطرة على هذه المدينة وكتبت تاريخها في رحل هذه الصحراء وحوّلتها من بادية إلى مدينة الآثار الأولى في سوريا وذات المكانة العالية والمميزة في الشرق والغرب معاً. أضحت محط أنظار الغزاة واليوم طاولتها يد الإرهاب ولكن ليس لتخليد حضارة جديدة إنما لنسف آلاف الحضارات التي أزهرت تدمر وأبهرت بسحرها كل من نظر إلى بهائها الشامخ.
أدهشت تدمر زوارها بأبنيتها الملكية ومساكنها الجميلة وطراز مبانيها المتميز من حيث فخامتها وروعة هندستها، أضحت من أغنى المدن وأكثرها ثراء وعظمة عبر التاريخ. شيّد فيها العديد من الآثار التي لا تزال راسخة حتى يومنا هذا قبل أن يمتد الجهل إلى داخل المملكة ويعبث في حضارات أمة خطها التاريخ وحفر كل حكاية شعوبه في كل حجر من حجارتها. من أهم المواقع الأثرية التي كانت تزيّن تدمر نذكر منها: معبد بعلشمين، معبد بعل، معبد نبو، معسكر ديو كلتيان، حمّامات تدمر، الشارع المستقيم، المسرح الروماني، قلعة تدمر، مدفن إيلا بل، وادي القبور ومدفن ليتون ومتحف التقاليد الشعبية... وغيرها من الآثار المهدّدة بالدمار من قبل جماعات إرهابية روّج لهم في الحق في العبث في الحضارات وتاريخ الشعوب تحت راية الدين الإسلامي.