هنيّة يقول " تركيع غزّة مُستحيل" والشعب الفلسطيني يسأل: تركيعها لمن ؟

الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق، وهو الذي قرّر أنه لن يركع لأحد غير الله أوّلا وفلسطين ثانياً، وإنه يرفض الركوع لحماس وفتح أو أي فصيل، وسيقرّر مَن سيحكمه بأصواته التي يُعطيها لمن يمثّلوه جميعاً وليس إلى الذين أشبعوه شعارات مُقدّسة وعلمانيّة وقومية كاذبة ولا يمثّلون إلا مصالح أحزابهم الضيّقة. التوافق والمشاركة يجب ألا تقرّرهما الفصائل، بل يقررّهما صوت الشعب، فإذا كانت حماس صادقة فمن واجبها كفصيل فاعل في السياسة الفلسطينية أن تركع لفلسطين ولإرادة شعبها وتذهب إلى صناديق الاقتراع .

"حماس لم تحقّق شيئاً لأهل غزّة، لقد أفقرتهم، وجوّعتهم، وفصلتهم عن أهلهم في الضفة"
الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة يرفض الإنقسام بشدّة، وسئِم من اتفاقات المُصالحة التي لم تُنفّذ، وقرف من الخُطَب الرنّانة التي .. تُثني .. على إنجازات الإنقساميين وغيرهم الكاذبة، ويشعر بالإحباط والضياع .الإنقسام  هو .. جريمة نكراء .. ارتكبتها حماس بحق الشعب الفلسطيني، ولا يمكن إنكارها وتبرير استمراها باسم الدين والمقاومة ومصالح الشعب الفلسطيني، لأن أبسط فلسطيني يعرف أضرار الانقسام كما يعرفها قادة حماس، ويعرف أن أهدافه هي حزبيّة وحصائصيّة، وإنه مدعوم ومموّل من خارج فلسطين، ويخدم أهداف إسرائيل التوسّعية ويدعم احتلالها، ويتعارض بوضوح لا شكّ فيه مع المصالح العُليا للشعب الفلسطيني.

إسماعيل هنيّة رئيس مكتب حماس السياسي  الجديد ألقى خطاباً في غزّة يوم 29 نيسان/أبريل 2017، قال فيه " تركيع غزّة مُستحيل ." إنّه يقصد بذلك أن السلطة الفلسطينية التي تُهيمن عليها فتح تريد تركيع حماس، وإن هذا مستحيل! كفلسطيني لا ينتمي إلا لفلسطين، ومع احترامي للسيّد هنيّة، أرى أنّه لا بدّ من تذكيره بأن القضية ليست مَن يُركّع مَن! القضية في جوهرها هي صراع على المُحاصصة والمراكز والمكاسب الماديّة والحزبيّة الضيّقة .
 
حماس لم تحقّق شيئاً لأهل غزّة . لقد أفقرتهم، وجوّعتهم، وفصلتهم عن أهلهم في الضفة، وعزلتهم عن العالم، وبطشت بهم على طريقة من لا يؤيّد حماس فهو عدوّ للشعب الفلسطيني، وأقامت دولتها المرفوضة فلسطينياً، وفتحت المجال لعرب يبحثون عن دور سياسي بالتدخّل في الشأن الفلسطيني بمساعدتها في إطالة أمد الإنقسام الذي ترفض إنهاءه.فتح عانت وما زالت تعاني من الفساد ولكنها تعترف بوجوده .. ولا تدينه للضحك على الناس وخداعهم، والسلطة الفلسطينية رغم إخفاقاتها في أكثر من مجال حقّقت مكاسب هامّة في إقامة مؤسّسات  الدولة الفلسطينية، وتصدّت لإسرائيل في الساحة الدولية، وتريد تحقيق حلّ سلمي للقضية لقناعتها وهي على حق بأن مَن يقول للفلسطينيين سأحرّر لكم كل فلسطين من البحر إلى النهر قريباَ يُكذّب عليهم ويحاول خداعهم خدمة لأجندته السياسية.

السلطة الوطنية الفلسطينية تريد إجراء الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية، لكن حماس تريد الاتفاق معها على حصّة ترضيها في المجلس الوطني، ومؤسّسات منظمة التحرير ووزارات وأجهزة السلطة قبل إجرائها، ولهذا فإنها تضع العراقيل وترفض الذهاب إلى صناديق الاقتراع والاحتكام إلى إرادة الشعب لقناعتها أنها ستفشل لأنها فقدت الكثير من رصيدها الشعبي نتيجة لسياساتها، وستفقد المزيد بعد أن أعلنت عن قبولها بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967!  

الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق، وهو الذي قرّر أنه لن يركع لأحد غير الله أوّلا وفلسطين ثانياً، وإنه يرفض الركوع لحماس وفتح أو أي فصيل، وسيقرّر مَن سيحكمه بأصواته التي يُعطيها لمن يمثّلوه جميعاً وليس إلى الذين أشبعوه شعارات مُقدّسة وعلمانيّة وقومية كاذبة ولا يمثّلون إلا مصالح أحزابهم الضيّقة. التوافق والمشاركة يجب ألا تقرّرهما الفصائل، بل يقررّهما صوت الشعب، فإذا كانت حماس صادقة فمن واجبها كفصيل فاعل في السياسة الفلسطينية أن تركع لفلسطين ولإرادة شعبها وتذهب إلى صناديق الاقتراع .

الشعب الفلسطيني لا يريد إلغاء دور أحد. إنّه يريد ديمقراطية حقيقيّة تداوليّة تشارك فيها القوى السياسية الفاعلة جميعاً، وتقود إلى إقامة الدولة المستقلّة . شعبنا سيقبل مَن تختاره الأغلبية بأصواتها الحرّة النزيهة، وسيحترم الفائز ويدعمه سواء كان حماس أو غيرها. ولهذا فإنه يأمل أن يتّخذ السيّد هنيّة خطوات عمليّة عاجلة لإجراء الانتخابات ولإنهاء الإنقسام، ويعمل على توحيد الصفوف لتركيع نتنياهو ويمينه المتطرّف وإرغامهم على الاعتراف بحقوق شعبنا العادلة وتخليصه من الاحتلال! فهل سيفعلها؟ الأسابيع القادمة ستُجيب على هذا السؤال!