حصوة ملح العرب التي ذابت في أكواب المُعتقلين

من المعلوم-بالضرورة-لشعوبنا العربية كافة، وحكّامنا بلا استثناء، رمزية الملح في الأمثال الشعبية الراسخة في الوجدان العربي. فالملح رمز حَسن المعشر (بيننا عيش وملح)، والإخلاص (لو تخون العيش والملح تستاهل أكبر جرح)، وفضلاً عن أمثالنا العربية، تناولته أغانٍ عربية، و"العيش والملح " كان عنواناً لأحد أفلامنا العربية المُبكرة.

صورة أرشيف
والملح عدو السحر والحسد في حفلة "الطهور"، وصدمة التنبيه حين تنحرف عن جادة الصواب فلا يعيدك إلا حصوة ملح في عينك، توقظك من ساعة الغفلة.

ولأن المعجونين بتراب بلادهم، الهائمين حباً بها، رغم قسوة العيش، هم أصحاب الأرض والحق، وملح الأرض، كان للملح ارتباط خاص بالقضية الفلسطينية، ارتباط جعله شريان الحياة الأخير الذي يبقي عليه الأسرى نابضاً، لا تمسكاً بالحياة، بقدر ما هو تعرية لمن يحيون بيننا بلا دماء في الشرايين.

وعلى ما يبدو، فإن الملح الذي يُذيبه المُعتقلون في أكوابهم يومياً - رفضاً لحياة الذلّ والمهانة التي يحاول أن يفرضها عليهم السجّان الصهيوني - استهلك رصيد حصوات الملح التي كانت توقظ يوماً، حكّام العرب والمسلمين .

 

الحكّام المستمرون في خذلان ضمائرهم وشهامتهم، قبل خذلان شعوبهم وأمّتهم، خرجوا علينا من قمّتهم" الأميركية – العربية – الإسلامية" ، من دون إشارة، ولو ذراً للرماد في عيون الشعوب العربية المتابعة، لنضال أكثر من 1500 من أسرانا البواسل في سجون الاحتلال الصهيوني، وإضرابهم المستمر منذ السابع عشر من نيسات/ أبريل الماضي.

 

وإن كانت بيانات وإدانات القادة والحكّام العرب لم تحمل يوماً أكثر من الورق الذي كُتبت عليه، إلا أنها كانت وجبة السجن التي يقدّمها القادة والحكّام لشعوبهم، للتظاهر بأنهم منشغلون بهموم الشعوب العربية الوطنية والقومية، أو للدلالة الخادعة على أنهم (القادة والحكّام العرب) أصحاب مواقف واضحة وقت المِحن. ولكن على ما يبدو فإن صلابة الأسرى الفلسطينيين في رفض وجبات الذلّ من السجّان الاسرائيلي العنصري، ربما أثارت الرعب في قلوب الحكّام والقادة العرب من أن تقلع شعوبهم عن تصديق الأكاذيب.

فقرّروا ألا يفسدوا على ترامب زيارته إلى الكيان الصهيوني بإشارة ولو عابرة إلى إضراب الكرامة الذي يُعرّي إسرائيل من ثوب الديمقراطية الكاذب، ويسقط ورقة توت الإنسانية التي يُداري العالم وحشيته بها.

نقطة واحدة فقط تناسها هؤلاء، حين ذابت حصوة الملح من أعينهم، فتوهّموا أن ذوبان الملح في الماء يعني ضياع الحقوق، ولم يدركوا أن شمس النهار، مع كل إشراقة، تبخّر الماء، ويعود الملح من جديد.

وعندها يذهب الزبد بهم، وبأسيادهم، ويمكث الملح في الأرض، راسخاً ، متمسكاً بكرامته، وأرضه، وحقّه الذي لن تطمسه كل محاولات المستعمرين والمُتخاذلين.

وهذه أرقام قد تطرف عيون حكّامنا:

عدد الأسيرات ،57 منهن 13 فتاة قاصر.

أما عدد الأطفال  ف300 طفل.

عدد الأسرى المُعتقلين إدارياً 500 أسير.

نواب التشريعي الأسرى 13 نائبا.

عدد الأسرى القدامى قبل توقيع أوسلو 13 أسيراً.

عدد الأسرى الذين مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً 44 أسيراً.

عدد شهداء الحركة الأسيرة 210 شهداء.

منذ انتفاضة الأقصى  تم اعتقال 15000 طفل.

منذ انتفاضة الأقصى  تم اعتقال 1500 أسيرة.

منذ انتفاضة الأقصى  تم اعتقال 100 ألف شخص.

منذ انتفاضة الأقصى  تم اعتقال 70 نائباً.

منذ انتفاضة الأقصى عدد أوامر الاعتقال الإداري 27 ألفا.

أقدمهم الأسيران:كريم يونس وماهر يونس من الأراضي المحتلة عام 1948، المعتقلان منذ كانون الثاني/يناير عام 1983، يُضاف إلى ذلك الأسير نائل البرغوثي  الذي قضى أطول فترة اعتقال في سجون الاحتلال، وهي أكثر من (36) عاماً.

الشهداء من الأسرى

بدأت قافلة الشهداء الأسرى بالشهداء الثلاثة محمّد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، مروراً  بالشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد بتاريخ 11/7/1970، خلال إضراب سجن عسقلان، وهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام، ومروراً  أيضاً بالشهيد راسم حلاوة وعلي الجعفري واللذين استشهدا بتاريخ 24/7/1980 خلال إضراب سجن نفحة، والشهيد محمود فريتخ الذي استشهد إثر إضراب سجن جنيد عام 1984، والشهيد حسين نمر عبيدات والذي استشهد بتاريخ 14/10/1992 في إضراب سجن عسقلان.

 

إجمالي عدد الأسرى الذين استشهدوا بعد الاعتقال، وداخل سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني منذ احتلال " الكيان الصهيوني لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967، وحتى نهاية العام المنصرم، قد بلغ 197 شهيداً، بينهم أطفال وشيوخ، بالإضافة إلى المئات من الأسرى المحرّرين الذين توفّوا بعد تحرّرهم من الأسر بسبب أمراض ورثوها عن تلك السجون وآثارها المدمّرة على الصحة.


إن 70 أسيراً قد استشهدوا جرّاء التعذيب، و49 أسيراً نتيجة الإهمال الطبي،و 71  أسيراً أعدموا عمداً ومع سبق الإصرار بعد اعتقالهم والسيطرة عليهم، فيما 7  أسرى استشهدوا نتيجة استخدام القوة المُفرطة بحقهم وإصابتهم بأعيرة نارية حيّة.

إن قائمة الشهداء الأسرى منشورة على موقع "فلسطين خلف القضبان"، فيما ذكر في تقريره أسماء بعضٍ منهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر عبد القادر أبو الفحم ، قاسم أبوعكر،راسم حلاوة، إسحق مراغة، مصطفى عكاوي، إبراهيم الراعي، عمر القاسم، يوسف العرعير، خالد الشيخ علي، حسين عبيدات، محمّد أبو هدوان، فضل شاهين  وجمعة موسى، والحبل على الجرّار.. ولعلّ عرب اليوم ومسلمو الغد يتخلّون عن ألسنتهم المربوطة بحبل الأخ ترامب ويتكلّمون عن أطهر سجناء على وجه الأرض.