عن فكر الإرهاب الذي يقتل أقباط مصر

ليس وليد الصدفة أن يُقتل الأقباط في يوم عيد المولد النبوي الشريف ثم قبل شهر رمضان بيوم واحد فقط، ثم مجزرة حدثت للأشقاء الأقباط في مصر، قتلى من الأطفال والرجال، وسلب كغنائم الحرب من النساء، مجزرة لا تحدث إلى في العصور المظلمة، الملاحظ هنا هو الشماتة الإخوانية في القتلى وصولاً للنظام، يغلّفون الشماتة بضعف السلطة.

ندرك أن تجديد الفكر الديني يستلزم كشف الفكر التيموي الوهّابي
لا  نكتب هذا المقال لتأبين شهداء الوطن سواء الذين سقطوا في المنيا في الحادث الإجرامي ، كما أننا لا نؤبّن الشهداء الذين سقطوا اليوم أو بالأمس أو من يسقط شهيداً غداً، ذلك فإن قلوب كل الشعب مليئة بالحزن الدفين، ومواساة ذوي الشهداء قد تُصبّر المكلومين، ولكنها لا تنسيهم جراحاتهم، ولكننا نكتب هذه الكلمات ربما لتساعد المسؤولين في حربهم ضدّ الإرهاب الأسود الذي يضرب المنطقة والعالم كله، ولن نأتي بجديد إذا قلنا إن الحرب الفكرية ضدّ الإرهاب تبدأ بتجديد الخطاب الديني، وهو المطلب الحيوي الذي لا ينفك الرئيس عبد الفتاح السيسي في المطالبة به، وتجديد الخطاب الديني يجب أن يكون صريحاً، ويُسمّي الأشياء بأسمائها، ونحدّد الفتاوى القاتلة ضدّ الجيش أو الشرطة أو الأقباط، أو أي مواطن.



نقول بصراحة، ليس وليد الصدفة أن يُقتل الأقباط في يوم عيد المولد النبوي الشريف ثم قبل شهر رمضان بيوم واحد فقط، ثم مجزرة حدثت للأشقاء الأقباط في مصر، قتلى من الأطفال والرجال، وسلب كغنائم الحرب من النساء، مجزرة لا تحدث إلى في العصور المظلمة، الملاحظ هنا هو الشماتة الإخوانية في القتلى وصولاً للنظام، يغلّفون الشماتة بضعف السلطة، أما شيوخ الوهّابية فيزعمون أن هؤلاء القتلى الأبرياء كفار لن يدخلوا الجنة، مثل ياسر برهامي وحسين يعقوب وغيرهما، تلاقت إذن التقت الدعاية الإخوانية بالدعوة الوهّابية التكفيرية، فتسيل الدماء انهاراً ولا تنقطع.



ولكن الأمر له جذوره وفروعه وفكره، حيث يوجد من يحرّم الاحتفال بالمولد، أو يفتي بتحريم السلام أو تهنئة المسيحيين بأعيادهم، هذا الفصيل السلفي الذي لا يلتزم بالمنهج الأزهري الوسطي، هو الذي يقود الإرهاب، متسلحاً بفتاوى التكفير والقتل والتفجير، وهو منهج ابن تيميه، الذي يطلقون عليه شيخ الإسلام، هو المُنظّر الأول لفقه الكراهية والتكفير، نأخذ بعض فتاواه، التي أحياها السلفيون على اختلاف مشاربهم، كل فتاواه يختتمها بالتوبة أو القتل،، نأخذ بعض عيّنات من تلك الفتاوى الدموية، يقول إبن تيميه : "إذا بش مسلم في وجه النصراني يُستتاب وإلا يُقتل، من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن قال لرجل: توكلت عليك أو أنت حسبي أو أنا في حسبك، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن اعتقد أن أحداً من أولياء الله يكون مع محمّد كما كان الخضر مع موسى فإنه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، والرجل البالغ إذا امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس أو ترك بعض فرائضها المتّفق عليها فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن لم يقل أن الله فوق سبع سمواته فهو كافر به حلال الدم يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقى على بعض المزابل، ومن ظن أن التكبير من القرآن فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن أخّر الصلاة لصناعة أو صيد أو خدمة أستاذ أو غير ذلك حتى تغيب الشمس وجبت عقوبته بل يجب قتله عند جمهور العلماء بعد أن يستتاب، ومن قال إنه يجب على المسافر أن يصوم شهر رمضان وكلاهما ضلال مخالف لإجماع المسلمين يستتاب قائله فإن تاب وإلا يُقتل"، هذه بعض عيّنات من فتاوى الدم، تُطبع وتُباع، منتشرة في الفضائيات، يقول بها كل شيوخ السلفية، فهم يُكفّرون الأشاعرة وهو مذهب الأزهر ومعظم المسلمين في العقيدة، أي يُكفّرون كل البشر، ويباركون كل عملية إرهابية.


هنا ندرك أن تجديد الفكر الديني يستلزم كشف الفكر التيموي الوهّابي، بل وتخصيص خطب للجمعة لكشفه، وأن تشترك وزارات التعليم والثقافة والأزهر والأوقاف ودار الإفتاء، الأمر جد خطير، محاربة الإرهاب بالسلاح، وهو إجراء حتمي، أما الإجراء طويل الأمد، فهو محاربة التكفيريين وفكرهم.


وفكر التكفير معروف من ينشره ويموّله ويدعمه وينظّمه، والغريب المثير للدهشة هو ما أُعلن عن تأسيس مركز عالمي لمحاربة الفكر الإرهابي، أما مقرّ هذا المركز، فالمفاجأة أنه سيتم تأسيسه في المملكة السعودية، أم الدعوة الوهّابية، وهو أمر لا يستقيم مع المنطق والعقل، ولكنه حدث بالفعل، بعد أن أخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقريباً ما يوازي ثمن النفط السعودي المدفون في باطن الأرض أو الاحتياطي النفطي، كله، ثم طلب منهم تأسيس ذاك المركز الوهمي، لمحاربة التطرّف.


هذا ما يقودنا للحديث عن التآمر الصهيوني الأميركي الذي يستغل الدواعش لقتل المسلمين وغير المسلمين، وصولاً لإشعال الفتن وإسقاط الجيوش  ثم الدخول في حروب أهلية عبثية لا يستفيد منها سوى أعداء الأمّة، إذن نكشف عن الأدوار الحقيقية للفكر الدموي، وارتباطه بالفكر المخابراتي الصهيوني، وهو أمر معروف ولكن مسكوت عنه، وهذا هو الغريب في السياسة العربية كلها...