الأزمة الخليجية: السيناريوهات المحتملة

الموقف الأميركي متناقض ويعكس غياب رؤية استراتيجية راسخة في التعاطي مع منطقة الشرق الأوسط، وقد عكس ذلك التناقض الواضح بين الرئيس دونالد ترامب وبين باقي المؤسسات الأميركية، فقد أكد البنتاغون والخارجية الأميركية بأنهم مع وحدة واستقرار الخليج وجلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار

ما هي دوافع تلك الدول لاتخاذ قرار قطع العلاقات مع قطر..؟ وما هي خيارات قطر...؟
إجراءات وعقوبات وقطع للعلاقات الدبلوماسية قامت بها دول خليجية وعربية ضد قطر، ويبقى التساؤل الأهم لفهم ما يحدث هو: هل من الممكن أن يحدث ذلك من دون ضوء أخضر أميركي...؟ الموقف الأميركي متناقض ويعكس غياب رؤية استراتيجية راسخة في التعاطي مع منطقة الشرق الأوسط، وقد عكس ذلك التناقض الواضح بين الرئيس دونالد ترامب وبين باقي المؤسسات الأميركية، فقد أكد البنتاغون والخارجية الأميركية بأنهم مع وحدة واستقرار الخليج وجلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار. 
وهو أيضاً ما أكّدته تسريبات السفير الإماراتي في الولايات المتحدة بأن الأخيرة رفضت مباركة الخطوات الإماراتية ضدّ قطر. إلا أن ترامب أعلن أن خطوة قطع العلاقات مع قطر جاءت بعد طلبه خلال قمّة الرياض من الدول العربية والإسلامية بتجفيف منابع الإرهاب، وأن قطر دولة ترعى الإرهاب.
 

الصين وروسيا وتركيا وبريطانيا وإيران أكّدت على ضرورة الحوار ودعم السلام والاستقرار في المنطقة.

الكويت دخلت على خط الوساطة بين قطر والمملكة العربية السعودية، وهو ما دفع الشيخ تميم لتأجيل خطابه التي تشير بعض التسريبات بأنه سيعلن انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي.

ويبقى التساؤل الأهم: ما هي دوافع تلك الدول لاتخاذ قرار قطع العلاقات مع قطر..؟ وما هي خيارات قطر...؟


أولاً: دوافع قطع العلاقات مع قطر.

1. الدافع التاريخي: لا يمكن فصل ما يحدث بعيداً عن السياق التاريخي، فقطر تاريخياً هي جزء من دولة الإمارات، وأيضاً هناك خلاف تاريخي بين المملكة وقطر حيث طالبت المملكة مطلع القرن العشرين بضم قطر إلى إقليم الإحساء. وهناك خلاف بين قطر والبحرين على منطقة الزبارة.

2. الدافع الجيوسياسي: السياسة الخارجية القطرية تتعارض مع رؤية ومصالح بعض دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، وهو ما بات واضحاً في عديد الأزمات التي تشهدها المنطقة وعلى وجه الخصوص ليبيا والسودان وفلسطين ومصر وسوريا واليمن، وربما قدرة قطر على إفشال تقسيم اليمن أكّد على قوة سياستها الخارجية. أيضاً هناك دوافع جيوسياسية أخرى مرتبطة بمستقبل الطاقة، فقطر دولة غنية بالغاز، وهي أكبر مصدّر للغاز بالعالم، وهي تصدّر للإمارات الغاز.
 

3. دافع رعاية الإرهاب: تتّهم تلك الدول بأن قطر ترعى وتدعم الإرهاب المتمثل بجماعة الإخوان المسلمين وجماعة الحوثي في اليمن وبعض الجماعات الأخرى، وتتماهى في علاقاتها مع إيران.

ثانياً: السيناريوهات المحتملة، (خيارات قطر).

الأزمة في يومها الأول ألقت بتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الدوحة، فقد شهدت البورصة انخفاضاً ملحوظاً وصل إلى 8%، إلا أنها استقرّت في اليوم الثاني للأزمة، وبدأت الماكينات الإعلامية العمل بشكل مكثّف بما يضع المشهد الخليجي أمام ثلاثة سيناريوهات هي:

1. قيادة تلك الدول انقلاباً داخل القصر في الدوحة يطيح بالشيخ تميم ويستبدله بأحد أفراد العائلة الحاكمة بما يتوافق ومحدّدات السياسة الخارجية لمجلس التعاون الخليجي.

2. الانحناء للعاصفة والاستجابة لمطالب الدول الخليجية وتحديداً وساطة أمير الكويت، والتي من المحتمل أن تحمل شروطاً قاسية لقطر، متمثلة في الالتزام بمحدّدات السياسة الخارجية لمجلس التعاون الخليجي وأهمها: طرد الجماعات الإسلامية من الدوحة، وإعلان العداء الواضح لإيران، وضبط السياسة الإعلامية لقناة الجزيرة.

3. الذهاب لتشكيل تحالف ومحور جديد يبدأ في إبرام صفقات غاز وسلاح مع روسيا والصين وتفعيل التحالف الاستراتيجي مع تركيا وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع طهران.

الخلاصة: ليست قطر لوحدها ستخسر نتيجة حال الانقسام الخليجي، بل سيخسر الجميع، والكاسب الأكبر من الأزمة هو إسرائيل، التي ستجد نفسها متفوّقة على الجميع، ومرحّب بها لتكون ضمن حال المحاور والأحلاف. من هنا على الجميع أن يستدرك تلك المخاطر.

 أتمنّى التوفيق لوساطة الكويت وحكمة الأسرة الحاكمة في السعودية لتجاوز تلك الأزمة التي يجرّ من خلالها ترامب المنطقة لمزيد من التصعيد لإرضاء المجمّع الصناعي العسكري في الداخل الأميركي.