تيران وصنافير في حسابات الربح والخسارة

جزيرتا تيران وصنافير هما الممر الطبيعي والمنفذ البحري الوحيد لخليج العقبة ومن يسيطر على مضيق تيران يستطيع التحكم في الخليج برمته، وهذه مسألة شديدة الأهمية والخطورة معاً وسبق أن خاضت إسرائيل حرباً بعد إغلاق مصر للمضيق وقامت باحتلاله إلى أن وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل التي خصصت الفقرة ب من المادة الخامسة الحديث عن الجزيرتين.

بعد انتقال الجزيرتين رسمياً للمملكة العربية السعودية أصبح لزاماً على المملكة أن تصبح طرفاً في الاتفاقية
أثير جدل كبير في مصر حول أحقية المملكة العربية السعودية بجزيرتي صنافير وتيران، وبدأ الجدل داخل ملعب القضاء المصري، فاشتدت المنافسة بين المحاكم المختلفة، حتى حسمت الجدل المحكمة الدستورية العليا في 21 يونيو/2017م، وأيدت قرار البرلمان المصري الذي صوّت بأحقية السعودية بالجزيرتين. إلى أن صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 24 يونيو/2017م على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين المملكة ومصر. ومن المتوقع أن يرفع الملك سلمان خلال أيام العلم السعودي فوق الجزيرتين ويضع حجر الأساس لإقامة جسر بري يربط البلدين.

يبقى السؤال الأهم: الأهمية الجيوسياسية لجزيرتي تيران وصنافير...؟ وما هي حسابات الربح والخسارة للأطراف المعنية...؟

أولاً: الأهمية الجيوسياسية لجزيرتي تيران وصنافير

جزيرتا تيران وصنافير هما الممر الطبيعي والمنفذ البحري الوحيد لخليج العقبة ومن يسيطر على مضيق تيران يستطيع التحكم في الخليج برمته، وهذه مسألة شديدة الأهمية والخطورة معاً وسبق أن خاضت اسرائيل حرباً بعد اغلاق مصر للمضيق وقامت باحتلاله إلى أن وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل التي خصصت الفقرة ب من المادة الخامسة الحديث عن الجزيرتين ونصت المادة على: " يعتبر الطرفان أن مضيق تيران وخليج العقبة من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوي. كما يحترم الطرفان حق كل منهما في الملاحة والعبور الجوي من وإلى أراضيه عبر مضيق تيران وخليج العقبة".

بعد انتقال الجزيرتين رسمياً للمملكة العربية السعودية أصبح لزاماً على المملكة أن تصبح طرفاً في الاتفاقية، وهو ما يعني اعترافاً ضمنياً بدولة إسرائيل قد يتطور لاحقاً لاعتراف واضح وصريح وتحديداً في ظل الحديث المتصاعد من قبل الاحتلال وأطراف داخل المملكة يمثلها الجنرال أنور عشقي بضرورة التطبيع مع إسرائيل.

ثانياً: تيران وصنافير ضمن حسابات الربح والخسارة.

مصر خسرت أرضا وكسبت مشاريع استراتيجية، والسعودية كسبت أرضا وصنعت مبررات الانفتاح على إسرائيل،  بينما الكاسب الأكبر هي إسرائيل التي كسبت الجميع وعززت من فرص قيامها بمشاريع استراتيجية بالمستقبل مثل إنشاء قناة تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وهو ما يشكل بديل لقناة السويس، ليضاف لمشروع استراتيجي آخر بربط بري عبر قطار سريع يربط ميناء إيلات بميناء أسدود.


لا أقول أن إسرائيل ستبدأ فوراً في مشروع القناة فهناك اعتبارات للتطبيع مع الدول العربية مقدّمة على أي مشاريع استثمارية أو استراتيجية ولكن تل أبيب ستبقى تلعب بتلك الورقة للضغط على مصر كما تلعب الآن بورقة سد النهضة في أثيوبيا.


مشروع قناة بن غوريون كما يطلق الاحتلال عليه هذه التسمية لا يقف في طريقه أي اعتبارات فنية، فمن يتابع كيف تم تشييد قناة بنما ضمن نظرية الأواني المستطرقة يصل إلى نتيجة مفادها لا مستحيل من الناحية الفنية في ظل التطور العلمي الهائل، وامكانات دولة الاحتلال الكبيرة.


لكن من يقف في طريق هذا المشروع الاستراتيجي هو قطاع غزة، بحيث سيكون أمام الاحتلال لتنفيذ هذا الحلم مسارين:


الأول: أن يمر من خلال غزة التي تحكمها حماس وهذا يكاد يكون مستحيلا بالنسبة لإسرائيل.


الثاني: أن يمر بجوار القطاع وبذلك سيكون في مرمى صواريخ المقاومة وهو يضعف من جدواه الاقتصادية، ولكنها قد تستخدمها كحاجز طبيعي بين غزة وإسرائيل.


الخلاصة: الأحداث المتسارعة في المنطقة تؤكد بأن عام 2017م هو عام حاسم في رسم خارطة المنطقة التي تمنح إسرائيل تفوقاً في كافة المجالات بما يؤهلها للاندماج في مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهذا يتطلب توجيه ضربة قوية لحزب الله، وتدجين واحتواء قطر، وإنهاء الثورة الإسلامية في إيران، وإضعاف الدور التركي بالمنطقة، واحتواء حماس أو ضربها.