القدس قمرٌ بحجم مدينة

تعرّضت القدس للعديد من الإجراءات العنصرية تراوحت بين هدْم أحياء بأكملها مثل حي المغاربة، ومصادرة الأراضي لإقامة المستعمرات، وهدْم المنازل العربية أو الاستيلاء عليها، والضغط على السكان العرب بكافة الأساليب الدنيئة من أجل ترحيلهم.وكانت أكثر الأشكال العنصرية بروزاً هي مصادرة الأراضي، فقد صادر الكيان الصهيوني ما يزيد على 23 ألف دونم من مجموع مساحة القدس الشرقية البالغة نحو 70 ألف دونم، منذ العام 1967، وأقام عليها نحو 35 ألف وحدة سكنية لليهود الصهاينة الحاقدين.

قبة الصخرة أهم المعالم الأثرية الإسلامية في القدس
شيّدت النواة الأولى لأولى القبلتين وثالث أقدس مدينة لدى المسلمين على تلال الظهور (الطور أو تل أوفيل)، المُطلّة على بلدة سلوان، إلى الجنوب الشرقي من المسجد الأقصى، لكن هذه النواة تغيّرت مع الزّمن وحلّت محلّها نواة رئيسية تقوم على تلال أخرى مثل مُرتفَع بيت الزيتون (بزيتا) في الشمال الشرقي للمدينة بين باب السّاهرة وباب حطّة، ومُرتفَع ساحة الحرم (مدريا) في الشّرق، وهي المرتفعات التي تقع داخل السّور في ما يُعرف اليوم باسم القدس القديمة.

حملت القدس العديد من الأسماء عبر فترات التّاريخ، ورغم هذا التعدّد حافظت على إسمها الكنعاني العربي.

تُعدّ القدس ظاهرة حضارية فذّة، تملك سمة تتفرّد فيها دون سواها عن مدن العالم، فهي المدينة المُقدّسة من أتباع الدّيانات السّماوية الثّلاث ( المسلمون، النصارى، واليهود )، فهي قبلة لهم ومصدرهم الرّوحي و رمزٌ لطموحاتهم.

تمتدّ القدس بين كتلتي جبال نابلس في الشمال، وجبال الخليل في الجنوب، وتقع شرقي البحر المتوسّط، وتبعد عنه حوالى 52 كم، وعن البحر الميت حوالى 22 كم، مُرتفعةً عن سطح البحر 775م، ونحو 1150 م عن سطح البحر الميت.

ساهم الموقع الجغرافي والموضع المُقدّس للمدينة في جعل القدس المدينة المركزية في فلسطين.

وكانت القدس لمكانتها وقداستها موضع أطماع الغُزاة ومحطّ أنظارهم وأحقادهم، فقد تناوب على غزوها وحُكمها العبرانيون، الفارسيون، السلقيون، الرومانيون، والصليبيون ثم العثمانيون، والبريطانيون... كلهم رحلوا وبقيت القدس صامدة في وجه الغُزاة ، وسيأتي الدور ليرحل الصهاينة إن شاء الله.

بلغت مساحة أراضيها نحو 20970 دونماً، وقدّر عدد سكانها إبّان العام 1922 نحو 28607 نسمة، وفي عام النكبة 1948 نحو 69693، وفي عام النكسة 1967 نحو 65000 نسمة، وفي العام 1987 نحو 130600 نسمة، وفي العام 1996 أصبح نحو 254387 أي ما يزيد عن ربع مليون نسمة.

قامت المنظمات الصهيونية الإرهابية المسلّحة في 28/4/1948 باحتلال الجزء الغربي من القدس. وفي العام 1967 تم احتلال الجزء الشرقي منها، وفي 27/6/1967 أقرّ الكنيست في الكيان الصهيوني ضم شطري القدس، وفي 30/7/1980 أصدر الكنيست قراراً يعتبر القدس الموحّدة عاصمة لـ (الكيان الصهيوني) الإرهابي.

وقد تعرّضت القدس للعديد من الإجراءات العنصرية تراوحت بين هدْم أحياء بأكملها مثل حي المغاربة، ومصادرة الأراضي لإقامة المستعمرات، وهدْم المنازل العربية أو الاستيلاء عليها، والضغط على السكان العرب بكافة الأساليب الدنيئة من أجل ترحيلهم.

وكانت أكثر الأشكال العنصرية بروزاً هي مصادرة الأراضي، فقد صادر الكيان الصهيوني ما يزيد على 23 ألف دونم من مجموع مساحة القدس الشرقية البالغة نحو 70 ألف دونم، منذ العام 1967، وأقام عليها نحو 35 ألف وحدة سكنية لليهود الصهاينة الحاقدين.

مع البناء المتواصل لتوطين اليهود في القدس لم تتم إقامة أية وحدة سكنية للعرب.

ومازال الكيان الصّهيوني مستمراً في مصادرة الأراضي من القدس الشريف... تحيط بالقدس نحو عشرة أحياء سكنية، و41 مستعمرة، تشكّل خمس كتل استيطانية.

*إحراق أولى القبلتين

في 21 آب/أغسطس من العام 1969 تمّ إحراق قسم كبير من المسجد الأقصى على يد الصّهيوني الأسترالي دينيس مايكل روهان (28) عاماً بتواطؤ خسيس مع حكومة الاحتلال وبمشاركة قوات الجيش والشرطة (ادّعى كالعادة الكيان الإرهابي أن روهان مختل عقلياً كما ادّعى في ما بعد أن  الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي نفّذ مجزرة الخليل مختلّ أيضاً)، حيث تمّ قطع المياه عن الحرم القدسي فور اندلاع الحريق، ومنعت المواطنين العرب وسيارات الإطفاء من الوصول إلى مكان الحريق... وبفضل الله ورحمته تمكّن المواطنون من إطفائه بتآخٍ رائع بين مسلمي ومسيحيي المدينة، وذلك بعد أن أتى الحريق على منبر المسجد الذي أحضره القائد الباسل صلاح الدّين الأيوبي من مدينة حلب الشّهباء، وهو بناء رائع في صناعته وزخارفه.

تُعدّ القدس من أشهر المدن السياحية، وهي محطّ أنظار سكان العالم أجمع، يؤمّها السيّاح لزيارة الأماكن المُقدّسة والتاريخية الهامّة فيها، فهي تضمّ العديد من المواقع الأثرية الدينية المُقدّسة لدى أتباع الديانات السّماوية الثلاث، تحوي بين أكنافها :المسجد الأقصى، ومسجد الصخرة، والجامع العُمَري، وكنيسة القيامة، وحائط البراق.. وغيرها الكثير.

يقع إلى الشرق من القدس جبل الزّيتون، الذي يضمّ مدافن ومقامات شهداء المسلمين، وتوجد على سفحه بعض الكنائس والأديرة مثل الكنيسة الجثمانية التي قضى فيها السّيد المسيح عليه السّلام أيامه الأخيرة. والقدس حافلة بالمباني الأثرية الإسلامية النّفيسة، ففيها أكثر من مائة بناء أثري إسلامي، وتُعدّ قبّة الصخرة المباركة هي أقدم هذه المباني، وكذلك المسجد الأقصى المبارك، وفي العام 1542م شيّد السّلطان العثماني سليمان القانوني سوراً عظيماً يُحيطُ بالقدس ، يبلغ محيطه 4 كيلومترات.

لسور القدس سبعة أبواب هي: العمود (باب دمشق)، السّاهرة، الأسباط، المغاربة، النبي داود، الخليل، الحديد.

تعرّض المسجد الأقصى المبارك إلى اعتداءات كثيرة تراوحت بين التدمير والهدْم، والإحراق، وإطلاق الرّصاص، وحفر الأنفاق واستفزازات الصلاة، وكان آخرها تركيب بوابات الكترونية على أبوابه ما أشعل تظاهرات عارِمة في أرضنا المحتلة أجبرت العدو صاغِراً على إزالتها في ما بعد، فهذه حرب دينية لا هوادة فيها ولا تراجع عن الحقوق قيد أنملة.

ولن ننسى أنّ هناك  حركات ومنظمّات صهيونية متطرّفة مهمّتها العمل على هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر " حركة هاتحيا ( النهضة )،جماعة أمناء الهيكل، حركة كاخ، جماعة غوش إيمونيم ( كتلة الإيمان )، منظمة سيوري تسيون، وحركة تسوميت " .

القدس تُعرف بالإسم الروماني إيلياء أي بيت الله، وسيظلّ بيت الله عامِراً بأفئدة  من دون حياتها الأقصى ومن دون أرواحها قبّة الصخرة ومن  دون رقابها فلسطين وقد كانت قدس الأقداس  وستظلّ بعون الله واحة الثّبات والإيمان على مدار الأزمان، وقمراً مُنيراً ليل نهار.