مبادرة القسّام: الدوافع والسيناريوهات

لم تحدّد مبادرة القسّام مدة زمنية لردّ القيادة السياسية لحماس على مبادرته، وهو ما يمنح الوساطات المحلية والاقليمية والدولية هامشاً للمناورة والتحرّك والعمل على احتواء الموقف، عبْر البحث في أقصر الطُرق للتخفيف من حصار قطاع غزّة ووقف العقوبات التي فرضها الرئيس عباس، أو البحث في آليات جديدة لإيصال الدعم مباشرة لقطاعات حيوية في قطاع غزّة عبر التنسيق مع الأونروا أو غيرها من المنظّمات الدولية.

تحمل مبادرة القسام العديد من الرسائل
مبادرة من أربعة بنود تقدّمت بها كتائب القسّام لقيادتهم السياسية في حركة حماس، يتمثّل أبرزها بإحداث حال من الفراغ السياسي والأمني في غزّة، إذ تتخلّى حركة "حماس" عن أيّ دور في إدارة القطاع. وتابع المصدر: "تكلّف الشرطة المدنية بدورها في تقديم الخدمات المنوطة بها، وتقوم بعض المؤسّسات المحلية بتسيير الشؤون الخدماتية للمواطنين". وشدّد على أن "كتائب القسّام"، والأجنحة العسكرية التابعة للفصائل الفلسطينية، ستكلّف بملف السيطرة الميدانية الأمنية.

وأكّد المصدر على أن الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية التي تُديرها حركة "حماس"، ستكلّف بمتابعة الأمور الميدانية المدنية فقط.

ما هي الدوافع التي تقف خلف تسريب المبادرة في هذا التوقيت؟ وما هي السيناريوهات المُحتملة؟

أولاً: الدوافع والأسباب


1. صناعة أزمة لإدارة الأزمة الراهنة التي تجسّدت في اشتداد حلقات الحصار على قطاع غزّة بعد العقوبات التي اتّخذها الرئيس محمود عباس كتقليصات الرواتب والتسريح القسري لآلاف الموظّفين (التقاعد المُبكر)، وتقليصات الكهرباء، والتحويلات المرضية إلخ....

2. رسائل متعدّدة الأهداف والاتّجاهات.

تحمل مبادرة القسام العديد من الرسائل لعلّ أهمها:

أ‌. الرسالة الأولى للاحتلال الإسرائيلي بأن القسّام ومعه فصائل المقاومة نفذ صبرهم على معادلة الهدوء مقابل الهدوء، مع استمرار الحصار المُشّدد، وبناء الجدار على طول الحدود مع قطاع غزّة.

ب‌. للسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، بأن العقوبات الأخيرة وحال العداء لغزّة يقابلها حل للجنة الإدارية على الطريقة القسّامية، وهو ما سيُربك حسابات الرئيس وسيزيد من حجم الضغوط عليه للتراجع عن العقوبات لا سيما بعد إقرار اللجنة المركزية لفتح بعدم صوابية تلك القرارات ، وسيتم تشكيل لجنة لمراجعتها لحجم الضرر الذي ترتّب عليها عند المواطنين.

ت‌. للرباعية العربية وللنائب محمّد دحلان مفادها أسرعوا في تطبيق التفاهُمات وفتح معبر رفح والبدء بخطوات إنقاذ غزّة، وأن المُماطلة والبطء في تنفيذ تلك التفاهُمات لم يعد يحتملها المواطن الفلسطيني في القطاع.

ث‌. للمجتمع الدولي وبعض الأطراف الإقليمية المؤثّرة، تعالوا تحمّلوا المسؤولية القانونية والأخلاقية وانقذوا قطاع غزّة عبر الضغط على الرئيس عباس وتوجيه مساعداتكم ومنحكم مباشرة لقطاعي الصحة والتعليم والبنية التحتية والأمن، لا سيما بعد سيل من التقارير الأممية التي تؤكّد أن قطاع غزّة على شفا كارثة إنسانية.

ثانياً: السيناريوهات المُحتملَة.

ثلاثة سيناريوهات تنتظر مبادرة القسّام، هي:
1.    سيناريو الانتظار والترقّب.

لم تحدّد مبادرة القسّام مدة زمنية لردّ القيادة السياسية لحماس على مبادرته، وهو ما يمنح الوساطات المحلية والاقليمية والدولية هامشاً للمناورة والتحرّك والعمل على احتواء الموقف، عبْر البحث في أقصر الطُرق للتخفيف من حصار قطاع غزّة ووقف العقوبات التي فرضها الرئيس عباس، أو البحث في آليات جديدة لإيصال الدعم مباشرة لقطاعات حيوية في قطاع غزّة عبر التنسيق مع الأونروا أو غيرها من المنظّمات الدولية.

2.    سيناريو التنفيذ.

من المُحتمل أن توافق قيادة حماس السياسية على الفكرة، وتبدأ أولى خطوات التنفيذ بالتنسيق مع فصائل المقاومة، وتبدأ أولى خطوات الانتقال من الحُكم المدني إلى الحُكم العسكري، وسنكون أمام مرحلة تحوّل مهمة أبرز ملامحها تغيير مُعادلة الهدوء مقابل الهدوء، وهو ما يضع المشهد أمام خيارين: الحرب أو رفع كامل للحصار.

3.    سيناريو الإنكار والنفي.

من المُحتمل أن تخرج الكتائب ببيان ينفي وجود مبادرة، ويكذب خبر الأناضول، وقد يزداد الوزن النسبي لهذا السيناريو في حال أدركت القسّام أن ردود الأفعال على المبادرة من قِبَل الأطراف المُختلفة ليس كما هو مأمول ومتوقّع.

 

الخلاصة: مبادرة القسّام بحاجة لدراسة مُعمّقة، يتم وضع حسابات الربح والخسارة على الطاولة بدقّة مُتناهية، فالخطأ غير مسموح في القضايا الاستراتيجية، والتفكير خارج الصندوق مهم ولكنه ينبغي أن يكون مدروساً بعناية.