اغتيال هشام الهاشمي.. فتّش عن المستفيد

لو بحثنا في الجهة المستفيدة من عملية اغتيال هشام الهاشمي، فهنا مؤشرات واضحة على وجود نوع من المؤامرة أو التجهيز لمرحلة ما بعد الاغتيال.

  • إن نظرية وقوف الحشد وراء اغتيال الهاشمي تسطيح للحقيقة وتحريف لها
    إن نظرية وقوف الحشد وراء اغتيال الهاشمي تسطيح للحقيقة وتحريف لها

اغتيال الخبير في شؤون الجماعات المسلحة والمتطرفة كالقاعدة وبعدها داعش أو جبهة النصرة، د. هشام الهاشمي أمام منزله في العاصمة بغداد، هو جريمة بكل المقاييس، وينبغي أن تترتب عليها ملاحقة ومحاسبة شديدة للفاعلين من خلال الأجهزة الأمنية العراقية، وبالتأكيد فإن الراحل الهاشمي كان محللاً بارزاً ومثيراً في بعض الأحيان للملف الأمني وواقع الجماعات المسلحة في العراق وسوريا. وتأتي عملية الاغتيال في وقت تصدى فيه الهاشمي للحشد الشعبي، وربما هذا ما دفع البعض نحو المبادرة إلى اتهام الحشد بأنه وراء الاغتيال، فهل فعلاً اغتال الحشد الشعبي هشام الهاشمي؟ 

في أي جريمة تحدث وبعملية تحليل بسيطة لها، يتم البحث عن المستفيد منها ثم تدور حوله الشبهات، وهذه واحدة من أبسط طرق التحقيق والتحليل، ولو بحثنا عن المستفيد نقف على أمرين مهمين:

الأول: المستفيد من إسكات صوت الهاشمي، وهنا ربما يفكر البعض باتهام الحشد الشعبي.

الثاني: المستفيد من عملية اغتيال الهاشمي وهنا تدور الشبهات حول حلفاء الهاشمي من جهات داخلية وخارجية تريد إشعال الفتنة بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والحشد الشعبي.

ولو فككنا الأمر الأول، وهو اتهام الحشد بإسكات صوت الهاشمي المعارض له، فماذا استفاد على الصعيد الاستراتيجي الحشد الشعبي؟ فهناك غير هشام الهاشمي العشرات أو ربما المئات الذين ينتقدون الحشد الشعبي ليلاً نهاراً، ويعملون داخل العراق وخارجه، فهل الحشد في هذه الدرجة من البساطة ليتورط في مثل هذه العملية التي لن تجر عليه سوى الاتهامات، وهو يعلم أنَّ هناكَ المئات بدلاً من الهاشمي؟

وهل الحشد في هذه الدرجة من البساطة ليتعرض للهاشمي في عز تصدي الأخير لمشروع الحشد الشعبي؟ في الحقيقة إن نظرية وقوف الحشد وراء اغتيال الهاشمي تسطيح للحقيقة وتحريف لها، لكنه يندرج ضمن مشروع كبير تديره الإدارة الأميركية لضرب مؤسسة الحشد الشعبي، لأن اتهام الحشد عامة أو كتائب حزب الله تحديداً يقودنا إلى الشبهة! لماذا؟

لأن الكتائب تنضوي تحت غطاء الحشد والأخير مؤسسة رسمية تنضوي تحت القوات العراقية المسلحة وتعتبر من القوات الخاصة وفقاً لقرار الدولة العراقية، عندما صوّت مجلس النواب العراقي في 26 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2016، على اعتبار قوات الحشد الشعبي تعمل ضمن هيئة ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية وضمن تشكيلات القوات الخاصة.

وهذا الأمر يدفعنا لنفكر فيما لو تم الاعتداء على مواطن من قبل فرد في الجيش العراقي أو الشرطة، فهل نقول مؤسسة الجيش تخالف القانون أو الشرطة لا تلتزم بالقانون؟ أم نقول هذا العنصر المنتمي للجيش أو الشرطة يمثل نفسه وهو مسيء ويجب محاسبته وفقاً للقانون العسكري؟

الواجب أن ينطبق ذلك على الحشد الشعبي أيضاً، فإن وجد شخص داخل الحشد يرتكب أي نوع من المخالفات، فينبغي أن يحاكم عسكرياً ولا يمثل مؤسسة قدمت التضحيات الجسام للدفاع عن العراق إبان احتلال داعش لمحافظات واسعة في عام 2014.

ولو بحثنا في الأمر الثاني حول الجهة المستفيدة من عملية اغتيال الهاشمي، فهنا مؤشرات واضحة على وجود نوع من المؤامرة أو التجهيز لمرحلة ما بعد الاغتيال. فبعد عملية اغتيال الهاشمي بدقائق تم اتهام كتائب حزب الله بصورة هجومية وفقاً لحملة كبيرة من قبل ناشطين وإعلاميين وسياسيين لهم ارتباطات تثير الشبهات وتحديداً يقيمون في بريطانيا والولايات المتحدة والأردن.

وبدأ الحديث عن ضرورة تحرك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لضرب كتائب حزب الله أو أكثر من فصيل في الحشد الشعبي، رداً على اغتيال الكاظمي، ولأن الكتائب وفق زعمهم أرسلت إلى أشخاص ينتمون تهديدات لهم عبر موقع "تويتر"، وقاموا بنشر محادثات قالوا إنها تحتوي تهديدات لهم وهي من السهل جداً أن تزور بطبيعة الحال. ولو تمعنّا بمطالب هؤلاء وما كونوه من صورة مزيفة حول الحادثة واستبقوا حتى نتائج التحقيق، هذا دفع صوب الفتنة والاقتتال بين رئيس الوزراء وقوات الحشد الشعبي.

فمصلحة من هذه؟ ومن يدفع ويطلب مراراً من الحكومة العراقية أن تضرب قوات الحشد أو تقليص قوتها وعمل جاهداً على تشويه صورتها؟

من الممكن جداً أن يكون هذا الطرف ذاته هو من اغتال الهاشمي، حتى وأنه كان حليفه ليحول مقتل الهاشمي إلى بداية لفتنة كبيرة ونار تحرق العراق، وخصوصاً واحدة من أقوى القوات الخاصة في المنطقة، والتي ليس للجانب الأميركي أي سيطرة عليها وهي قوات الحشد الشعبي.