عملية استخباراتية تركية في أفريقيا تُثير الجدل

تتوقّع الحكومة الإيطالية طلباً من قِبَل الولايات المتحدة وحلفائها في الأيام المقبلة للحصول على معلومات عن هذه العملية.

  • عملية استخباراتية تركية في أفريقيا تُثير الجدل
    سيلفيا رومانو موظّفة الإغاثة في منظمة "Africa Milele"

في وسط أزمة كورونا التي تجتاح إيطاليا احتفت الصحف الإيطالية بخبرعودة سيلفيا رومانو موظّفة الإغاثة في منظمة "Africa Milele"  التي أُفرِج عنها بعد أن قضت 18 شهراً كرهينةٍ لدى حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة بين كينيا والصومال.

اختُطِفَت سيلفيا في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في قرية شاكامة جنوب شرق كينيا التي تبعُد ثمانين كيلومتراً من مدينة ماليندي شرق كينيا، وبعد ذلك تمّ تسليمها  إلى حركة الشباب الذين قاموا بنقلها إلى الصومال. وصلت سيلفيا إلى مطار شامبينو  في روما وكان في استقبالها رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ووزير الخارجية لويجيي دي مايو. صرَّحت سيلفيا أنها اعتنقت الإسلام بمحض إرادتها وأصبح إسمها عائشة، وأشارت إلى أنها لم تتعرّض للعنف من قِبَل الخاطفين.

وصرّح دي مايو بأنه تمّ العثور على سيلفيا على بُعد 30 كيلومتراً من العاصمة الصومالية مقديشو، وإن إطلاق سراحها كان عن طريق وكالة الاستخبارات الإيطالية الخارجية بالتعاون مع الاستخبارات الصومالية والتركية.

وحسب وكالة TG24 الإيطالية لعبت أيضاً قطر دور الوسيط لدَفْعِ الفدية التي لا تقلّ عن مليون ونصف مليون يورو التي وصلت إلى جيوب حركة الشباب الإرهابية.

ولكن المُفاجأة التي لفتت انتباه الصحف الإيطالية  والرأي العام الإيطالي هي أن الدور الأساسي لتحرير سيلفيا كان من نصيب الاستخبارات التركية التي لعبت دور الوسيط في إدارة المفاوضات بين الاستخبارات الإيطالية والخاطفين. حيث نشرت وكالة الأناضول التركية صورة  تظهر سيلفيا رومانو بعد تحريرها  وهي ترتدي سترة واقية من الرصاص تحمل رمز العَلَم التركي. ونفت الاستخبارات الإيطالية أن تكون هذه الصورة صحيحة، وأن المعدّات والسترة كانت للمخابرات الإيطالية من دون أية رموز، وحسب تحليل كثير من الصحف الإيطالية أن هذه صورة تبدي رغبة في إظهار القدرات التركية.

من المعروف أن الصومال دولة مُقسّمة وفيها جملة من المصالح الاستراتيجية المُعقّدة بين أمراء الحرب والقراصِنة والمارقين ومنتسبي حركة الشباب، وحكومة هشّة تواجه التحدّي الحقيقي للسيطرة على البلاد. 

عام 2011، قام إردوغان، رئيس الوزراء التركي آنذاك بزيارة إلى العاصمة مقديشو بعد أن مزّقتها الحرب الأهلية، مُقدّماً الكثير من المساعدات، وتمّ افتتاح السفارة التركية التي أغلقت عقب اندلاع الحرب الأهلية في الصومال. عقبت هذه الزيارة مشاريع تنموية تركية، حتى تطوّر التواجد التركي هناك إلى افتتاح أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج في أكتوبر/تشرين الأول 2017، والهدف المُعلَن لافتتاح هذه القاعدة هو تدريب أفراد الجيش الصومالي، ولكن حسب خبراء استراتيجيين، تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها العسكري في منطقة القرن الأفريقي بسبب موقع  الصومال الاستراتيجي على خليج عدن، الذي يعتبر مدخل البحر الأحمر والمحيط الهندي. 

في 20 كانون الثاني/يناير الماضي أعلن إردوغان أن الصومال دعت تركيا إلى التنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية، وهذا ليس غريباً على النظام التركي فقد فعلها من قبل مع ليبيا عندما وقّع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج للبحث عن الغاز في المتوسّط في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019. وفي أعقاب تفشّي وباء كورونا، أرسلت تركيا شحنتين من المعونات والأجهزة الصحية إلى الصومال.

تساءلت بعض الصحف الإيطالية عن مدى عُمق توغّل تركيا في منطقة القرن الأفريقي حيث أن النفوذ الأول كان للقوى الأوروبية من قبل، وفي طليعتها إيطاليا التي كان لديها نفوذ واتصالات موروثة منذ حقبة الاستعمار.

وحسب صحيفة La Repubblica  يبدو أن واشنطن غير راضية عن القرارات التي اتخذتها روما مع أنقرة وكذلك المملكة المتحدة، حيث تتوقّع الحكومة الإيطالية طلباً من قِبَل الولايات المتحدة وحلفائها في الأيام المقبلة للحصول على معلومات عن هذه العملية، وتساءلت الصحيفة كيف يمكن  تبرير دفع فدية لميليشيا إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة تقصفها المقاتلات الأميركية والطائرات من دون طيّار بكثافة مُتزايدة منذ بضع سنوات؟

قامت حركة الشباب بالعديد من العمليات الإرهابية داخل كينيا وذلك منذ أن أرسلت كينيا قوات عسكرية لقتال المُتشدّدين في الصومال في 2011. وكان من أسوأ ما فعلته قتل 147 طالباً في جامعة غاريسا شمال شرق كينيا عام 2015، وهناك عمليات أخرى كثيرة. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي هاجمت حركة الشباب قاعدة عسكرية يستخدمها الجيشان الأميركي والكيني.