كلهم قتلة.. وأعداء
عرب المقاومة لهم الحاضر والمستقبل ودروس التاريخ، وهم سيرفعون رايات الانتصار في سماء فلسطين، فوق القدس وقبة الصخرة المشرفة والأقصى والقيامة، وسماء لبنان المقاومة المظفّرة، وسماء اليمن العربي الحر.
لا أحد منهم يمكن أن يُستثنى، فكلهم قتلة، وقادة لكيان دموي، وكذّابون، ولأنهم عنصريون فكذبهم مبرر لأنه يقوم على احتقار الأعداء، والأعداء هم كل من يجرؤ على التلفظ بتعبير لا، فـ نعم هي الكلمة المسموح لهم بتردادها، لأن فيها نجاتهم، ومباركة مشغليهم، ومن يرعونهم ويصونون كراسيهم، ويورثونهم الحكم أبناء عن آباء، وأحياناً يطيحون الأب لضمان ديمومة الحكم لتابع وخانع ومطيع أشطر. فالولد من النسل العائلي، وهو أبرع في تنفيذ الأوامر تبريراً للتبعية، وإدارة الظهر لفلسطين والعروبة. فمن والى أعداء الأمة فهو عدو مثلهم.
عرب فلسطين أبرز من يعرفون هذا، فهم اكتووا، وما زالوا بتآمر التابعين المطيعين الذين تسببوا في كل مصائب فلسطين وعربها.
ماذا نسمي هذا الذي يحدث أمام عيوننا؟!
يقال إن الخليفة العباسي المعتصم جيّش جيشاً كبيراً قاده وزحف به تلبية لصيحة امرأة عربية أهانها الرومان: وامعتصماه. وثأر لها، ومرّغ أنوف الرومان. وبقي الحدث درساً كبيراً في حياة العرب، يُعبّر عن روح النخوة والانتماء والعروبة.
فماذا نسمي هذا الذي يحدث أمامنا؟!
تطلق نساء فلسطين في قطاع غزة وهن يتمزقن ألماً وقهراً على أكوام الأشلاء صرخاتهن المفجوعة: وين العرب.. وين المسلمين؟!
وفي صراخهن إدانة لحكّام ليسوا من أحفاد المعتصم، ولا من أحفاد الشيخ القسّام الذي قاتل في مصر، وسوريا وتشاد، والذي استُشهد على ثرى فلسطين بين أحراج يعبد بعد أن حدد أن المعركة المصيرية ستكون للعرب على أرض فلسطين، والمنازلة ستكون مع الإنكليز واليهود الصهاينة. واستشهد وزرع جسده في ثرى فلسطين، وروى بدمه أرض يعبد، ووضع بذور الوعي الرائي في صدور كثيرين وعقولهم ممن ساروا معه ففجرّوا الثورة الفلسطينية الكبرى التي استمرت 3 أعوام من عام 1936 حتى عام 1936.
وها هي تتجدد فجر الـ7 من تشرين الأوّل في طوفان الأقصى، وها نحن نعيش بمجدها في شهرها العاشر المستمر إن شاء الله حتى الانتصار المؤزَّر والمتوّج بتحرير كل فلسطين.
لن يلبوا شلال الدم العربي الفلسطيني، فحيث تحتل أميركا بقواعدها العسكرية تلك البلاد التي لا يحكمها ويقودها أحفاد المعتصم، وصلاح الدين، والقسام، وعبد القادر الحسيني، ويتحكم بها علناً أمريكان وصهاينة و"طراطير" يرتدون أزياء تبدو "عربية". لن يبادر الذين لا يسمعون ولا يرون، ولا تعنيهم صرخات أطفال فلسطين ونسائها لأن هدير الطائرات الأميركية المنطلقة من قواعدها في "بلادهم" يُغلق آذانهم وقلوبهم وعقولهم ويمسخ انتماءهم إلى العروبة والإسلام.
فهم مخلوقات زمن النفط والغاز ووجودهم تعزز بالتطبيع السرّي قبل العلني، وهم تعبوا من انتظار انتصار نتنياهو وجيشه. وهم محبطون وخائفون من أن تمتد الحرب التي تهب رياحها من قطاع غزة إلى جنوبي لبنان واليمن والعراق مبشّرة بنُذر عقاب تاريخي لكل اعداء الأمة، واقتلاع نفوذهم وأتباعهم ورميهم بالضبط في "مزبلة التاريخ"، لتجدد الأمة من فلسطين العربية الحرة الكاملة الواحدة نهوض أمة غُيّبت وحُرمت من وحدتها وقوتها ومجدها ودورها وعراقتها.
أتباع أميركا المثبتون في كراسيهم مذهولون من افتضاح أمر "جيش" الكيان الصهيوني الذي هزم جيوشاً عربية في أيام قليلة، وها هو يتبهدل في رمال مدن قطاع غزة وبلداتها ومخيماتها على رغم ضخ أكثر الأسلحة الأميركية تدميراً. ومع ذلك، ففي مساحة ضيقة وبعدد قليل من أبطال المقاومة يطارد جنود الجيش الذي لا يُهزم، فيُهزم، وتُحرَق دباباته التي تباهى بها وروّج تسويقها لمن خدعتهم دعايته لتعزيز جيوشهم بها.
واخترقت عينا الهدهد أسرار الكيان الصهيوني وقواعده السريّة في مسلسل استمتعنا بالتفرّج على حلقتيه الأُوليَين. ووعدنا بالتفرّج والشماتة وعري ضعفه، وفي سمعنا لا تزال يتردد قول سماحة السيد حسن نصر الله في وصف الكيان المُفتعل: أوهن من بيت العنكبوت.
والمعتصم العربي لبّى نداء الاستغاثة من جنوبي لبنان حيث عنوان الانتصارات على الصهاينة وجيشهم الذي وصل في لحظة مريضة إلى قلب بيروت، فأطلق أحد أبطالها رصاصته في رؤوس جنوده. فاستيقظ صائحاً بمكبرات الصوت: يا أهل بيروت نحن منسحبون فلا تطلقوا الرصاص علينا. ولاحقهم رصاص حزب الله والمقاومة حتى بوابة فاطمة. وأبطاله على طريق تحرير القدس يقاتلون يومياً ويستشهدون ويلقنون الكيان الصهيوني المدجج بالأسلحة الأميركية دروساً تجعله يرتجف رعباً في هذه الحرب التي لم يتخيّل يوما أنه سيخوضها.
ومن اليمن، يمن العراقة العربية، الذي تحمّل أعوام الحرب عليه التي شنها آل سعود بألوف المرتزقة من كل لون، فباءت حربهم بالفشل والعار. وها هو يصنع الصواريخ ويطورها ويلاحق بها الأسطول الحربي الأميركي، ويتوعد كل من يراهن على انتصار العدوان بأن حسابه سيكون عسيراً وليس له سوى أن يلوذ بالهدوء إن رام السلامة، فقواعد أميركا لن تحميه!
فلسطين، لمن لم يقرأوا دروس التاريخ ويستوعبوها، على أرضها هُزم الصليبيون، والمغول، ونابليون، وشُرد منها الانتداب البريطاني المجرم. وها هي صنيعته، ومن بعده الإمبراطورية الأميركية، على رغم ضخ أخطر الأسلحة المحرّمة دولياً لجيش الصهاينة المقهور على رمال غزة فإنه يتلقى اللطمات يوميّاً، ولا ننسى جنين وطولكرم وأخواتهما. وتتكشّف "الأسطورة" المفبركة المنفوخة بالأكاذيب أمام بطولة عرب فلسطين الممتدة منذ ما يزيد على مئة عام بعدّة أعوام منذ الاحتلال البريطاني الذي زرع الكيان الصهيوني ليبقى حافظاً لمصالحه في قلب الوطن العربي.
العرب عربان أيها الناس: عرب يقاومون، وهم الأكثرية لأنهم الأمة العربية الحقيقية، و"عرب" منصبون في كراسيهم المحروسة بالقواعد الأميركية، وهؤلاء أجراء، دورهم خيانة فلسطين والتآمر على كل عربي يقاوم المشروع الصهيوني - الأميركي.
وعرب المقاومة لهم الحاضر والمستقبل ودروس التاريخ، وهم سيرفعون رايات الانتصار في سماء فلسطين، فوق القدس وقبة الصخرة المشرفة والأقصى والقيامة، وسماء لبنان المقاومة المظفّرة، وسماء اليمن العربي الحر، وعراق العراقة والذي سيكنس ما تبقّى من وجود أميركي. وستفرح دمشق العروبة بالصمود والثبات، وتدوّي صيحة ملايين العرب بين المحيط والخليج: لبيك يا فلسطين. اغفري لنا تأخرنا فأنت تعرفين الأسباب، لكننا نجيء على رغم حُرّاس الحدود المستتبعين.