قتل المعتقل عمر ضراغمة بالمقصلة الصهيونازيّة؟!

الكابح الوحيد لجماح لهذا الوحش المفترس هو انعكاس هذه الجرائم على الردّ الفلسطيني الذي يجعل الاحتلال يعيد حساباته ويردّ اليه شيئاً من التفكير في العاقبة.

  • الأسري عمر ضراغمة.
    الأسري عمر ضراغمة.

عقلية العصابة التي تدير حرب الإبادة وقتل الأطفال والنساء والمدنيين وتدمير الحياة الفلسطينية في غزة هي نفسها العقلية التي تدير سجونه وتتحكّم في المعتقلين، من خلال نزواتها الإجرامية والانتقامية.  

يكيل السجّان الصهيونازي هذه الأيام القناطير المقنطرة من صنوف القمع والتنكيل للمعتقلين في سجونه. يده مطلقة وهو يرى حجم التوحّش المريع الذي تمارسه حكومته في قطاع غزّة، لا رقيب ولا حسيب على تصرفاته، فليخرج كلّ أحقاده وليفعّل كلّ التطبيقات النازيّة المرتكزة في أعماقه، وليفعّل أيضاً ما خزّنه منذ نعومة أظفاره وهو يُربّى على العنصريّة المَقيتة التي ترى أنه الأرقى جينيّاً، وأن غيره من البشر، وخصوصاً الفلسطيني، خلقه الله لخدمته، ولينفّس عن أحقاده الدفينة بقتل الفلسطيني أو التسلية بتعذيبه. هكذا هي هندسة البناء النفسي الذي أتقنته مناهجهم الدينية والمدرسية في بناء الإنسان الحاقد، وتكشف لنا هذه الأيام حجم الحقد الذي لم يخطر في بالنا أن يبلغ هذا المدى الفظيع.

وفي ظلّ معركة طوفان الأقصى، ومن خلال التذرّع الفاشي بحالة الطوارئ، يستبيحون كلّ شيء محظور، يعتقلون من دون سبب ومن غير أن تكون لديهم مبرّرات كافية للاعتقال، فقط مجرّد فكرة فاشية انتقاميّة مفادها أن عليك أن تفرض سيطرتك بقبضة من حديد، عليك أن تظهر أمام جمهورك المتعطّش للانتقام أنّك تنفّذ له رغباته الانتقاميّة، وأنّك تستجيب لروحه العدوانية. هذه الزعامة الحمقاء التي فقدت السيطرة ونسيت أنها تدير "دولة" على الاقلّ كما يدّعون، تتملّكها عقلية العصابة وتسيطر عليها نزوات صبيانية بروح عدائية لا تسمع ولا تبصر سوى الدم والقتل والإحراق والتدمير. لقد فقدوا الرؤية فلا يبصرون سوى الأسود القاتم، ولا يشمّون سوى رائحة الموت.

الصهيونازيّة كما حولت قطاع غزّة إلى أفران نازيّة لقتل الناس وإحراقهم، هي أيضاً وفق العقلية ذاتها تريد لسجونه أن تكون أفران غاز نازيّة، بكلّ ما أوتيت من مكر وخبث.

وبالروح ذاتها التي تقتل وتدمّر شنّوا حربهم على أسرانا، أعادوا السجون إلى حيث كانت عام 1967، استلمتها عصابة الجيش الحاقدة، يدخلون وهم مزوّدون بأسلحة الحقد وأسلحة رشّاشة جاهزة للقتل عند أي إشارة، جرّدوها من كلّ ما كان يحقق لمعتقلينا أدنى درجات العيش الكريم. سحبوا الملابس والأدوات الكهربائية والتلفاز والترانزستر، ولم يتبقّ سوى ما عليهم من ملابس، ويتفنّنون في أشكال الإهانة والاذلال، يطلبون إلى الاسرى الركوع عند العدد وقول "أمرك سيدي"، وهذه بالطبع وصفة للقتل لأن أسرانا يرفضون هذا الإذلال.

في السجون اليوم من طال عليه ظلام السجن ليصل إلى أرقام فلكية، منهم من تجاوز أربعين عاماً ومئات تجاوزوا ربع قرن، منهم من هو في السجن قبل أن يولد أوسلو المشؤوم، ومنهم من أعيد اعتقاله من صفقة وفاء الاحرار، منهم المرضى والمسنّون والنساء والأطفال والجرحى والجريحات، بؤساء يعيشون في سجون القهر والإذلال في الوضع الطبيعي، فما بالنا بهذه الروح الشريرة التي تملّكتهم هذه الأيام وسيطرت عليهم بطريقة جهنميّة لا يمارسها بشر. 

ونحن هذه الأيام، إذ تتسرّب بعض الأمور المهينة التي تنفّذها العصابة المتحكّمة في السجون، نستذكر كيف قتل مدير سجن النقب اثنين من الأسرى بعد أن سحب منهما كلّ شيء، فقالا ل إنه لم يتبقَّ إلا أن تطلق النار علينا، فسحب مسدسه وأطلق النار على رأسيهما. وكذلك قُتل المعتقل محمد الأشقر بالرصاص. اليوم أيديهم رخوة على الزناد ومعهم الدعم الحكومي الكامل للقتل لأن حكومتهم هي 
أيضاً متعطّشة إلى القتل.

الكابح الوحيد لجماح لهذا الوحش المفترس هو انعكاس هذه الجرائم على الردّ الفلسطيني الذي يجعل الاحتلال يعيد حساباته ويردّ اليه شيئاً من التفكير في العاقبة، فلقد علمنا التاريخ وعلّمنا الشعب الفلسطيني أنّ المزيد من التنكيل والقمع يعود على الاحتلال بما هو أشدّ وأنكى.