هل تنصاع قطر بالعودة إلى "بيت الطاعة"؟

اعتراف قطر بدعم الإرهاب في سوريا مع واشنطن وحلفائها، قد يكون محاولة لتذكير السعودية بمشاركتها التخطيط نفسه. لكن السعودية في معركتها لتهميش قطر، تبدو متأكدة من أن الدوحة لا تتجرأ على عصيان أميركا والاستدارة نحو إيران وموسكو.

عادل الجبير لمّح إلى أن الحصار الذي تفكّر به السعودية يشمل إغلاق الموانىء البحرية والمطارات القطرية إذا لم تتجاوب الدوحة مع المطالب السعودية
التلويح القطري بشق عصا الطاعة في الذهاب نحو إيران وموسكو، ما لبث أن خفّ وميضه، مثلما تذهب التهديدات القطرية بالدفاع عن السيادة والسياسة المستقلة التي أطلقها وزير الخارجية القطري في جولته على العواصم.

فمن خلف الستار يطل وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم مهندس السياسة القطرية تحت جناح واشنطن في الخليج وفي حروب تدمير سوريا والمنطقة. يبدو وزير الظل المؤسس لطموحات قطر التوسعية في حديثه إلى فضائية أميركية، مدافعاً عن قطر ضد السعودية. لكنه ربما يشير في حقيقة الأمر إلى أن قطر لا تخرج عن طوع الإدارة الأميركية في الخيارات التي ترتضيها لحلفائها في الخليج والمنطقة.

أكّد الوزير – الملك - لزوم ما لا يلزم بأن قطر وحلفاء واشنطن في السعودية وغيرها دعموا الجماعات الإرهابية في سوريا بحسب تخطيط مشترك مع الإدارة الأميركية في غرفتي عمليات "موم" في أنقرة و"موك" في الأردن.

ولو شاء التوسع لأسهب وأفاض منذ غزو ليبيا أو حتى منذ غزو العراق. وفي أغلب الظن لا يعود حمد بن جاسم بالذاكرة إلى الوراء استحضاراً لذاكرة لا تزال حيّة، إنما تذكيراً لإدارة دونالد ترامب على الأرجح بأن قطر كانت مع أخواتها في تحالف واشنطن تحت عهدة الولايات المتحدة وهي على العهد باقية.

المساعي الحميدة التي يقوم بها أمير الكويت "من أجل حل الخلافات ضمن البيت الخليجي" كما يأمل، قد لا يكون لها نصيب من النجاح في الرياض والدوحة والإمارات حيث تتفجّر أزمة أبعد من الخلافات بين دول مجلس التعاون والإقليم.

وفي هذا السياق تندرج المحاولات الأخرى مثلما يأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مبادرته لدعوة أميري قطر وأبوظبي إلى باريس. فالتحرّك التركي الذي يقوم به وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في الدوحة والكويت أو مكة المكرمة، ربما يؤكد أن 99% من الحل هو في واشنطن وأن المساعي الأخرى لا تتجاوز العلاقات الدبلوماسية. والتراجع التركي عن دعم قطر في الحديث أن أنقرة تسعى إلى تقريب وجهات النظر وأن قاعدتها العسكرية في الدوحة هي للدفاع عن أمن الخليج، قد يكون كل ذلك دليلاً على أن الإدارة الأميركية تمسك بزمام المبادرة ولا تتركاً متسعاً لمساعٍ أخرى.

بعض المؤشرات تشير إلى أن وفوداً خليجية رفيعة المستوى "تطبخ" في واشنطن الحل الأميركي للأزمة الذي سيحمله وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في زيارته القريبة المرتقبة إلى الخليج.

وقد يكون بين هذه الوفود حمد بن جاسم الذي ذكر أنه في الولايات المتحدة لزيارة أصدقائه. وبينما يصعّد عادل الجبير بالتلميح إلى أن الحصار الذي تفكّر به السعودية يشمل إغلاق الموانىء البحرية والمطارات القطرية إذا لم تتجاوب الدوحة مع المطالب السعودية، تكشف الناطقة باسم وزارة الخارجية "هيذر نويرت" عن أن العودة إلى بداية القصة لا جدوى لها "طالما يوافق الجميع على وقف دعم الإرهاب" في إشارة إلى الاتفاق على الحل.

وزير الخارجية الأميركي الذي تشاور مع محمد بن سلمان ربما يفصح عن بعض جوانب في قوله إن وضع الإخوان المسلمين بكليتهم على لائحة الإرهاب قد يعقّد المصالح الأميركية.

وبهذا المعنى قد يكون المخرج المحتمل هو موافقة الدوحة على قطع علاقتها مع القيادات المصرية من الإخوان وعلى تضييق علاقتها بحماس، إذا طلبت منها الإدارة الأميركية الاحتفاظ ببعض الاتصالات للضغط عليها، كما أوضح حمد بن جاسم.

فالمراجعة الأميركية للأسماء والكيانات الواردة في لائحة الدول الأربعة، تجري على الأرجح مع وفد قطري برعاية مكتب محاماة "جون أشكرونت" لتدقيق الاتهامات بالتعاون مع وزارة العدل الأميركية، بحسب وكالة "بلومبرغ" التي تتلقى دعماً من قطر.

بموازاة لقاء الجبير مع تيليرسون، يلتقي وزير الدفاع القطري خالد العطية بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لتسييل صفقة طائرات باكورتها 12 مليار دولار، والسفن الحربية الأميركية تتجه إلى قطر لتدريب قوى الأمن. فأول الغيث قطرة وكل ما هو آتٍ أت. فما يوصف بصفقة القرن في فلسطين تتطلب كل جهود حلفاء واشنطن لمحاربة المقاومة في فلسطين والمنطقة. ومن ليس معهم فهو ضدهم على ما يؤكد مأزق الدوحة التي تتراجع إلى بيت الطاعة لعجزها عن الاستدارة  نحو الشرق وعن المراجعة.