خطة السعودية لتجريد قطر من أسلحتها الثلاثة
المطالب السعودية - الإماراتية التي تخرج إلى العلن بموافقة أميركية، تكشف التصعيد السعودي أملاً بهزيمة قطر والعودة بها إلى حجم إمارة تحت مرمى المملكة. لكن هذا التصعيد الضاغط ربما يفتح أمام قطر طريق مراجعة خياراتها السياسية في محاور المنطقة.
-
الكاتب: قاسم عزالدين
- 23 حزيران 2017 19:46
وراء الآمال السعودية قد لا تكون قطر وحدها هدفاً للملكة في الخليج
لائحة المطالب والشروط السعودية،
جرى تداول بنودها الأساس بينما كانت الإدارة الأميركية تدرس تدخلها لحل الأزمة الخليجية،
ولم تخرج اللائحة إلى العلن بشكلها الحالي إلا بعد أن أعلن وزير الخارجية الأميركي
ريكس تيلرسون الموكل بالملف أن الإدارة تدعم الجهود الكويتية لحل الأزمة وهو أمر يدل
على أن واشنطن تختار المماطلة. فوزير الخارجية الموكل بحل الأزمة، كان قد تميّز عن
دونالد ترامب الذي يميل إلى السعودية، يحثّ السعودية على تقديم أدلّة على اتهاماتها،
وفق تعبير المتحدثة باسم الخارجية هيذر نورت.
وقد أعرب تيلرسون بعدها عن ثقته
بحل قريب، بحسب تصريح جاء في ختام جولة مباحثات مع وفود خليجية في واشنطن، ولا سيما
لقاءه بمستشار أمير دولة قطر لشؤون الاستثمار محمد بن حمد آل ثاني.
هذه الأجواء التي تغيّب عنها
وزير الخارجية القطري عبد الرحمن آل ثاني، أتاحت المراهنة القطرية على مبادرة أميركية
يحملها تيلرسون تستند إلى غربلة الأسماء التي ينبغي أن تغادر قطر، وإلى ضبط الإعلام
القطري وتشذيب الدعم القطري للإخوان المسلمين وحماس من دون قطع الأوصال وقلب ظهر المجنّ.
وفي هذا السياق قال تيلرسون
ينبغي أن تكون المطالب السعودية معقولة وقابلة للتنفيذ، لكن هذه المراهنة سرعان ما
يلقيها تيلرسون جانباً، كما يدل نشر اللائحة في الصحافة الأميركية، على الرغم من أن
الوزير الإماراتي أنور قرقاش اتهم قطر بإفشاء المطالب لإفشال الوساطة الكويتية.
التهديد بمهلة عشرة أيام للتنفيذ،
قد يشي بأن السعودية تمهّد لانقلاب أو غزو محتمل. لكن هذا الأمر قد يكون في غير أوان
بعد الدخول التركي إلى القاعدة العسكرية في الدوحة والمناورة الأميركية - القطرية المشترّكة.
وفي هذا الإطار قد لا يبقى أمام
الضغط السعودي - الإماراتي أكثر من طريق الغاز القطري إلى الإمارات؛ ففي مقابل ورقة
الضغط الأخيرة في أيدي السعودية والإمارات تشمل لائحة المطالب إقفال القاعدة التركية،
ما اعتبره وزير الدفاع التركي تدخلاً في علاقات أنقرة مع الدول الخليجية.
وتشمل في المقام الأول ليس فقط
التخلي عن الإخوان المسلمين، بل محاربتهم وملاحقتهم وتسليم اللوائح بأسمائهم وملفاتهم،
والتخلي بذلك عن نفوذ قطر في المنطقة العربية وخارجها أشبه بطلب الانتحار السياسي.
المطالب والشروط الأخرى المدرجة
في اللائحة، تبدو تمويهاً للمطلب الأساس الذي يمدّ قطر بالنفوذ وطموحات المصالح، فالمطالبة
بوقف دعم حزب الله وأنصار الله والقطيعة مع إيران قد تكون من باب التحريض المجاني وذرّ
الرماد في العيون.
أمّا المطالبة بوقف دعم وتمويل
النصرة والقاعدة و"داعش" وغيرها، فهي ما يمكن أن تكون سهاماً موجهة للسعودية
وتحالف واشنطن، وفق تعبير وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم الذي أفصح عن شراكة تحالف
واشنطن في السراء والضراء لدعم هذه الجماعات عبر غرفتي عمليات "موك" و"موم"
في اسطنبول والأردن.
لعلّ أفضل ما يلخّص شروط السعودية
وهدفها، هو إعلامي سعودي "من عظام الرقبة" كما يُقال، فهو يقول إن أسلحة
قطر الثلاثة هي الإعلام والمال والدبلوماسية النشطة.
وفي السياق يكاد الإعلامي الشهير
أن يفصح عن آمال السعودية لتجريد قطر من هذه الأسلحة لتحجيمها من دور إقليمي كبير إلى
ما هي عليه في قلّة سكانها وصغر مساحتها وضعف جيشها. وفي وراء الآمال السعودية قد لا
تكون قطر وحدها هدفاً للسعودية في الخليج، وربما تنتقل السعودية في المدى المنظور أو
الأبعد إلى اتهام سلطنة عمان أيضاً بدعم الإرهاب.
وما يشير إلى ذلك ويفسّر ربما
المماطلة الأميركية في حل الأزمة الخليجية، هو ما كشفه موقع "بلومبيرغ" الممدعوم
من قطر بحسب الاتهامات المتبادلة بين قطر والإمارات في واشنطن. فهو يذكر أن نائب مستشار
الأمن القومي الأميركي "رايك واديل" ذهب إلى السلطنة الأسبوع الفائت لهذا
الغرض بصحبة "مايك بومبو" من وكالة الاستخبارات الأميركية.
الحصار السعودي على قطر يعوّل
على مزيد من الضغط لكسر أضلع نفوذ الإمارة وطموحاتها الإقليمية، لكن هذا الضغط قد يولّد
خيارات سياسية قطريّة لكسر الحصار في الانفتاح على تقاطعات إقليمية ودولية منعتها الخيارات
السياسية القطرية مع تحالف واشنطن.