مهرجان صواريخ المقاومة وأثره على العدو القريب والبعيد

توحيد الساحات يعني بأن هناك تحضيراً لمعارك صغرى تشارك فيها أطراف منفردة تحت رقابة المحور ككل، ومعارك كبرى ينخرط فيها كل من هو قادر على حمل السلاح ضد "إسرائيل".

  • مهرجان صواريخ المقاومة وأثره على العدو القريب والبعيد
    مهرجان صواريخ المقاومة وأثره على العدو القريب والبعيد

يبدو أنّ مهرجان صواريخ المقاومة دفع مناصري "إسرائيل" للظهور إلى العلن مرة أخرى، بحيث بدأ هؤلاء بخوض "معارك تويترية" من فنادقهم المجلّلة، وشنّوا في إثر ذلك هجوماً صاروخياً "إنستغرامياً" على جميع فصائل المقاومة.  

نظرية "وحدة أو توحيد الساحات" أصبحت تتشكّل من شقين مهمين للغاية، الأول تختص به، وتفهمه قوات الاحتلال ومخابراته. ويشير هذا الشق إلى أن فصائل محور المقاومة كانت ولا تزال وستبقى في خندق واحد. بمعنى استهداف القدس أو انتهاك حرمة المسجد الأقصى يعني بالضرورة الاعتداء على جميع المساجد الموجودة في سوريا ولبنان وإيران، وهذا يعني بأنّ الرد سيكون مشتركاً وذا طابع جماعي. 

كما فهمت المخابرات الإسرائيلية اللعبة الجديدة في تبادل الأدوار بين فصائل المقاومة وهذا يعني أنه لا يمكن إطلاق طلقة واحدة باتجاه "إسرائيل" من دون علم وإجماع بين جميع فصائل المحور بما في ذلك الدولة في سوريا وإيران. 

توحيد الساحات يعني بأن هناك تحضيراً لمعارك صغرى تشارك فيها أطراف منفردة تحت رقابة المحور ككل، ومعارك كبرى ينخرط فيها كل من هو قادر على حمل السلاح ضد "إسرائيل". إن هذه الاستراتيجية التي عملت عليها فصائل المقاومة لسنوات لديها من الجاذبية والحكمة والدقة ما سيدفع فلسطيني الداخل في القدس والضفة الغربية إلى الانخراط فيها بشكل عفوي. 

فقد قرأ الفلسطينيون في هذه المناطق الرسائل المهمة من ضرورة ربط ما يحدث في القدس بغزة أو ما يحدث في رام الله بجنين، على أنه فرصة للتدخّل في الوقت المناسب وتشتيت قوى العدو. ولذلك يتحضّر فلسطينيو الداخل لخوض معركتهم المقبلة كذلك.

كما كان لمهرجان الصواريخ واستراتيجية توحيد الساحات شقّ عملي آخر كشف عن صهيونية بعض المستعربين أكثر من الصهاينة أنفسهم. في كل مرة تعرّضت فيها سوريا لقصف إسرائيلي يخرج مقاتلو "تويتر" ويطالبون الحكومة السورية بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية. 

هؤلاء هم أنفسهم من قام باستيراد الإرهابيين من أقصى بقاع الأرض لإسقاط سوريا وجيشها وشعبها هم أنفسهم من يطالبون بالرد على "إسرائيل"، وعندما يأتي الرد تتغيّر وجوههم وردود أفعالهم ليتحوّل خطابهم هذه المرة إلى نظرية المؤامرة وكيف أن المقاومة (بما فيها المقاومة الفلسطينية) تدخّلت لحماية نتنياهو داخلياً.

عبثاً وإهداراً للوقت ستكون المحاولات التي نقوم بها لإقناعهم بأنّ ما يجري التحضير له وما قامت به فصائل المقاومة دفع "إسرائيل" إلى التصدّع من الداخل وتأكّل عملية الردع الإسرائيلي التي روّجت لها "إسرائيل" منذ 75 عاماً، لأنّ هؤلاء لديهم مهمة واحدة هي ضرب محور المقاومة وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية جانبية ذات تجاذبات سياسية وليس كقضية تحرّر وطني يلتف حولها الملايين من المسلمين وغير المسلمين حول العالم.

وأمّا إذا ما أردنا أن نضع ادعاءاتهم تحت المجهر فسنسأل أنفسنا هل أنقذت المقاومة نتنياهو حقاً؟ 

عزيزي القارئ، لم يترك العرب شيئاً من الحكم إلا قالوه، وفي قولهم المقتبس من القرآن "وشهد شاهدٌ من أهلها"، دلالات واسعة يمكن سحبها على موضوع بحثنا هذا. إن المظاهرات التي خرجت قبل ثلاثة أشهر في "إسرائيل" احتجاجاً على التعديلات القضائية في "إسرائيل" قد زادت بنسب مرتفعة للغاية بعد "مهرجان الصواريخ" من الجنوب اللبناني، بحيث وصلت هذه الأرقام إلى ما يقارب 150 ألف شخص يومياً. 

لقد عمل مهرجان الصواريخ على رفع مستويات الخوف والقلق بين الإسرائيليين وسلّط الضوء على تأكّل نظرية الردع التي روّج لها نتنياهو على مدار سنوات، لقد أضافت عمليات محور المقاومة عنصراً آخر لعناصر التظاهر ضد سياسات نتنياهو وهذا ما قد يدفع الحكومة المتطرفة إلى السقوط في القريب العاجل.

كما أن صواريخ المقاومة وتأكيد الفصائل على التحضّر لأم المعارك أسقط نظرية إجماع "إسرائيل" على شخص نتنياهو، بل على العكس ساهم "مهرجان الصواريخ" بدفع الخلافات بين أعضاء حكومة نتنياهو وبين المعارضة الإسرائيلية للظهور إلى العلن. يكفي أن نعلم بأنّ قرار منع دخول المستوطنين إلى الأقصى الذي اتخذه نتنياهو حظي بمعارضة قوية من وزير أمن وحليف نتنياهو المدعو بن غفير.

كما أن الجميع في "إسرائيل" من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مجمع على أن "إسرائيل" فقدت قوتها الرادعة ضد محور المقاومة. حيث أقرّ نتنياهو بذلك وأكد ذلك ليبرمان الذي قال إن "إسرائيل" تعيش حالة من الضعف غير المسبوقة في تاريخها. كما أكد يائير لابيد زعيم حزب "هناك مستقبل" ضعف "إسرائيل" وتأكّل قواتها العسكرية. 

كما علينا ألّا ننسى أن نلقي نظرة على استطلاعات الرأي في "إسرائيل" التي أشارت إلى أن 69% من الإسرائيليين يرون بأن نتنياهو رجل سيّئ. كما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو لن يتمكّن من حصد إلا 20 مقعداً إذا ما أجريت انتخابات مبكرة مقارنة بـ 29 مقعداً لبيني غانتس و21 لحزب لابيد.

ختاماً، فليقل مقاتلو "توتير" ما يقولون فالحقائق تعكس حقيقة التحوّل الاستراتيجي العميق في استراتيجية الدفاع لمحور المقاومة على مستويات عديدة. وكما تحدثنا أعلاه "مهرجان الصواريخ" هو جولة من جولات مقبلة يتحضّر لها المحور ككل. لقد أثبتت الجولة الأخيرة من تصعيد محور المقاومة وهروب نتنياهو من الرد المباشر، أثبتت أهمية وحدة المصير وأهمية الدفاع عن قضية التحرّر العالمية الأخيرة والعادلة على مستوى العالم وهي القضية الفلسطينية.