الكيان الصهيوني وتهديد أزمة المناخ
يعيش الكيان الصهيوني هاجس مواجهة أزمة تغير المناخ، وبخاصة أنه يمر بأزمات تهدد وجوده.
يعيش العالم أزمات عديدة تعد تهديداً للأمن القومي الدولي، ومن هذه الأزمات تغير المناخ الذي لا يقتصر تهديده على البيئة وحسب، بل يشمل صحة الإنسان وأمنه، فضلاً عن القطاع الاقتصادي في جميع دول العالم.
مصـطلح "تغـير المناخ"، وفق تعريف "اليونيسيف"، يعني تغيراً في المناخ يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشـري الـذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي، إضافة إلى التقلب الطبيعي في المناخ، على مدى فترات زمنية متماثلة.
أمام هذا التهديد، تسعى وتجهد الدول للحد من نتائج التغير المناخي السلبية.
يعاني الكيان الصهيوني أزمات عديدة على صعد مختلفة تهدّد وجوده، سياسية، عسكرية، ومجتمعية، واقتصادية. وأمام التهديد الذي فرضته أزمة المناخ يعاني الكيان الصهيوني نتائج هذا التغير الذي يضاف إلى قائمة تلك التهديدات والتحديات.
يتغنّى العدو الصهيوني بتفوّقه التكنولوجي والعسكري، وصولاً إلى اتفاقيات السلام مع بعض الدول العربية التي أحد أهدافها بناء علاقات اقتصادية ذات أرباح مادية، ورأى البعض أن لأزمة المناخ جانباً إيجابياً يكمن في تعزيز العلاقات بالدول المجاورة للكيان الصهيوني، ومساعدتها في مواجهة هذا التهديد، فقد أشار المؤرخ إيال زيسر في صحيفة "إسرائيل هيوم" إلى أن "هذا الواقع المناخيّ يخلق لإسرائيل فرصة لتثبيت مكانتها الإقليمية كدولة متطورة ورائدة تكنولوجياً وعسكرياً، ومساعدة حلفائها، سواء بتوريد المياه أم بالوصول إلى التكنولوجيات المتطورة".
أما اليوم، فيعيش الكيان الصهيوني هاجس مواجهة أزمة تغير المناخ، وبخاصة أنه يمر بأزمات تهدد وجوده، وأزمة طاقة عالمية وأزمة توتّر في العلاقة بالولايات المتحدة الأميركية، وهذا يؤثر في قدرته على مواجهة ما ينتج عن أزمة المناخ.
في تقريره الأخير أشار "مراقب الدولة" في الكيان الصهيوني إلى أن " أغلب الوزارات والهيئات الإسرائيلية أخفقت في إعداد خطط لمواجهة أزمة المناخ المتفاقمة، والمسألة الأهم في أزمة المناخ تحمل أخطاراً غير متوقعة من الناحية الأمنية"، وبناء على ذلك فإن مسألة تغير المناخ لا تعد تغيراً جوهرياً في المجتمع الإسرائيلي داخلياً وحسب، بل في التحرّكات الإسرائيلية في بيئتها الاستراتيجية بحسب تعبيرها، ما يقوض ويحد تحركاتها خارجياً في ظل تغيرات في النظام الدولي وإعادة تشكيله، إذ يشير رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك" إلى أن من شأن الأزمات الداخلية تقويض المناعة المجتمعية والخارجية".
الباحثة شيرا عفرون في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة "تل أبيب"، تقول إن "أزمة المناخ تقوّض قدرة الجيوش على الدفاع عن الحدود وحماية البلاد، وإن أزمة المناخ باتت تؤثر، منذ الآن، في القواعد والبنى التحتية وما شابه، وألحقت أضراراً بعشرات الملايين من الشواكل بالطائرات الحربية الإسرائيلية بفعل فيضانات في قاعدة حتسور العام الماضي، وفي الولايات المتحدة، فحص البنتاغون 3500 منشأة أمنية، ووجد أن 1740 منها معرضة لأزمة المناخ".
وتضيف عفرون" يوصف الشرق الأوسط "بذي المناخ الساخن، وهذا ليس بسبب الإيرانيين، بل بسبب الجغرافيا". وفي تقرير أيضاً لمعهد الأمن القومي الإسرائيلي السنوي الذي يحدد التحديات السنوية، أضيف تهديد وجودي، وهو تغير المناخ، وتأتي أهمية هذه الإضافة لكونها صادرة عن أهم مركز دراسات في كيان الاحتلال.
أمام ذلك يعد تغير المناخ مسألة تهدد استمرارية الكيان الإسرائيلي ووجوده، ويأتي إلى جانب تحديات عدة يواجهها، وأمام تغيرات جيو استراتيجية في النظام الدولي، وبخاصة تراجع مكانة الولايات الأميركية، دولياً وصعود دول منافسة، وخصوصاً أمام بيئة استراتيجية متغيرة قوية باتت توثر وتهدد الكيان ووجوده جدياً، إضافةً إلى الأزمات الداخلية المجتمعية التي تحد من وضع استراتيجيات لمواجهة تحديات كهذه بسبب الفساد المستشري في مجتمع العدو.
الباحث نير دفوري ذكر في مقال له في موقع "القناة 12" أن "دائرة الأرصاد الجوية الإسرائيلية قالت إنه اعتبارًا من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2019، ارتفع متوسط درجة الحرارة في "إسرائيل" بنحو 4.1 درجة مئوية عما كان عليه بين عامي 1950 و2017، ويرجّح أن يستمر في الارتفاع وقد تكون التقلبات في درجات الحرارة عالية، ما يزيد من حدوث كوارث كالحرائق والفيضانات، ويجعل الحياة مستصعبة في "إسرائيل"، وقد يتقدّم كثيراً الخط الصحراوي في النقب ليقضم أراضي في الشمال"