العالم يتجه نحو مزيد من التصعيد
ما يثير ذعر البنتاغون هو أنَّ هناك أيضاً خطر حدوث انفجار نووي على ارتفاع عالٍ يسبب ضرراً كهرومغناطيسياً، أو أن تصبح الأسلحة الحركية الفضائية وقوداً للصراع النووي.
تعتزم اليابان، أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الانضمام إلى التحالف العسكري الثلاثي الأميركي - البريطاني - الأسترالي، المعروف اختصاراً بـ"AUKUS"، ليتحول إلى "JAUKUS"، كما تعتزم فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما سيجبر روسيا على موازنة الوضع في دول البلطيق، ما يعني على الأرجح أنَّ موسكو يمكن أن تنشر أسلحة نووية في كالينينغراد؛ المنطقة الصغيرة المعزولة برياً، والتابعة للأراضي الروسية والمجاورة لدول البلطيق.
في الوقت ذاته، هناك تسارع محموم لعسكرة الفضاء، وتحذير شديد من البنتاغون للإدارة الأميركية من أن الصين وروسيا تلاحقان الولايات المتحدة في القدرات الفضائية؛ فقد نمت أساطيل الأقمار الصناعية التشغيلية للصين وروسيا بسرعة فائقة خلال العامين الماضيين بنحو 70%، وفقاً لتقرير جديد لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية (DIA)، في إشارة إلى أن كلا الخصمين اللدودين للولايات المتحدة لديهما خطط للذهاب إلى الحدود النهائية للحروب.
تتقدم روسيا ببطء، ولكن بثبات، نحو عسكرة الفضاء. وقد بدأ العمل يتسارع لتقترب بكين وموسكو من تحقيق التكافؤ مع الولايات المتحدة على عدة جبهات، وفقاً لتقرير وكالة الاستخبارات الأميركية.
وتمتلك الصين 262 قمراً صناعياً للذكاء والمراقبة والاستطلاع (ISR) في الفضاء - وهو ما تملكه بقية العالم مجتمعة، بما في ذلك الولايات المتحدة - ومزايا مماثلة في أقمار العلوم والتكنولوجيا، إلى جانب مركبات الهبوط المدارية الصينية التي ذهبت إلى الجانب البعيد من القمر والمريخ.
وتعتقد وزارة الدفاع الأميركية أنَّ الصين تمتلك العديد من الصواريخ التي يمكن أن تدمّر الأقمار الصناعيّة، كما تمتلك روسيا تكنولوجيا الفضاء المضادة المماثلة، وتريد الدولتان نشر أجهزة التشويش في الفضاء التي يمكن أن تهدد الاتصالات الأميركية، أو تجعل القيادة والسيطرة العسكرية الأميركية عاجزة، أو توقف تدفق صور الأقمار الصناعية، والتي أثبتت فعاليتها في الوقت الحالي خلال الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وقد أطلقت روسيا صاروخاً مضاداً للأقمار الصناعية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في مؤشر على أنَّ الفضاء أصبح مكاناً يمكن أن يبدأ فيه إضعاف قدرة الضربات الأميركية الدقيقة، والتي تتفوق فيها الولايات المتحدة منذ حرب الخليج في العام 1991.
وربما تنوي الصين، التي اختبرت بنجاح صاروخاً مضاداً للأقمار الصناعية في العام 2007، السعي وراء تطوير الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية. وقد نجحت في برنامجها الفضائي مع الشركات المحلية التي تعمل بالتعاون مع جيش التحرير الشعبي، وهي ظاهرة تثير ذعر البنتاغون، الذي يشير إلى "اندماج عسكري مدني" يخفي التكنولوجيا والخبرة الأجنبية، كما أنها تعمل بسرعة لتعزيز قدرات "ISR" في السماء ونشر أقمار صناعية متقدمة يمكنها نقل المزيد من البيانات إلى الأرض.
وما يثير ذعر البنتاغون هو أنَّ هناك أيضاً خطر حدوث انفجار نووي على ارتفاع عالٍ يسبب ضرراً كهرومغناطيسياً، أو أن تصبح الأسلحة الحركية الفضائية وقوداً للصراع النووي، كما أظهرت الصين الصيف الماضي، بإطلاقها صواريخ بسرعة تفوق سرعة الصوت في جميع أنحاء العالم.
قدّم تقرير "DIA" الجديد تقديرَ موقفٍ قلقٍ حول الإطلاق المداري الجزئي للصين لصاروخ بالستي عابر للقارات بمركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت، هي الأولى من نوعها، وذكر التقرير أنّ إطلاقاً في حزيران/يونيو 2021 أظهر أكبر مسافة طيران (نحو 40.000 كيلومتر) وأطول زمن طيران (نحو 100 + دقيقة) لأيِّ نظام أسلحة هجوميّ بريّ صيني حتى الآن.
ويبدو أنَّ هذا التطوّر يتجاوز قدرات التحالف العسكري "AUKUS" بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، والذي بدأ بخطط لتطوير غواصة نووية لأستراليا، وهو يتوسع للتعاون في مجال الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والطيف الكهرومغناطيسي.
على جبهة أوكرانيا، من المقرر أن ترسل إدارة بايدن 800 مليون دولار إضافية كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك أنظمة مدفعية هاوتزر، وعربات همفي، وناقلات جند مدرعة، وطائرات هليكوبتر، والمزيد من أنظمة الطائرات من دون طيار (Switchblade)، وصواريخ جافلين المضادة للدبابات، وهي من الأسلحة التي لم توفرها الولايات المتحدة مطلقاً لأوكرانيا من قبل.
حزمة الأسلحة الأميركية المعززة هذه هي مؤشر على جدية التصعيد الذي تنتهجه واشنطن في التعامل مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي ستكون مفصلية أكثر من أي مواجهة سابقة بين البلدين.