الجزائر تطرد الكيان الإسرائيلي وتطوي ملف المراقب المتسلل بإحكام
تأكدت خيارات الجزائر الطوعية والثابتة في الدفاع عن القضايا العادلة من دون تردّد ومن دون تغيير في توجهاتها الرسمية المتناغمة والمنسجمة مع تطلعاتها الشعبية.
تستمر الجزائر في تحصين البيت الأفريقي من تسلل الكيان المغتصب إلى أرض فلسطين، وهذه المرة بالفصل النهائي في صفة المراقب التي سعى لها ساسة الكيان بكل الطرق المشبوهة، حتى بالتسلل والتدليس في التصاريح، لتمرير حضور المتخفين وراء معاونيهم الذين لم يترددوا في فتح أبوابهم على مصراعيها لاحتضان مغتصبي الأراضي العربية ومساعدتهم في العلن ضد مستقبل القضايا العادلة، وبما لا يخدم مصالح المنطقة، ليحدث كل هذا بعد عقود من تآمرهم السري مع أعداء الأمة، وليتضح في النهاية أن علاقاتهم كانت وطيدة ومنسقة حتى قبل تطبيعهم المفضوح.
لكن هيهات أن تمر هذه المحاولات في ظل وجود أبناء وأحفاد قادة التحرر وزعماء النضال الثوري في أفريقيا ضد الاستعمار وأذنابه ممن يحملون بذور العدوان، على غرار المخزن ومساعداته المشبوهة لدبلوماسيي الكيان من أجل حضور أشغال الدورة العادية الـ36 لمؤتمر قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، لتعبر هذه المحاولة عن بؤس الوضع المهتز لهذا الكيان وما اعتاده من تسلل وتزييف للحقائق من دون أدنى اعتبار للقوانين والأعراف والمواثيق.
سجل تاريخ الدبلوماسية في العالم درس الطرد المخزي للمتسللين باسم الكيان من أشغال اجتماع رسمي للاتحاد الأفريقي، وأمام العالم الذي تابع عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو طرد نائب مدير الشؤون الأفريقية في وزارة خارجية الكيان وأعضاء الوفد المرافق له علناً.
هذه الواقعة لاقت رواجاً كبيراً واستحساناً واسعاً لدى الشعوب العربية وكل الأحرار في العالم، وجعلت المتفاعلين يثنون على دور الجزائر وجنوب أفريقيا ودول أفريقية أخرى أعطت درساً لكل من يحاول التلاعب بهيئات الاتحاد الأفريقي ومؤسساته.
تأكدت خيارات الجزائر الطوعية والثابتة في الدفاع عن القضايا العادلة من دون تردّد ومن دون تغيير في توجهاتها الرسمية المتناغمة والمنسجمة مع تطلعاتها الشعبية.
وما زال توجه الجزائر ثابتاً بلا تراجع عن مبادئها وقيمها الراسخة في مساندتها المطلقة واللامشروطة لحق الشعوب في التحرر، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وآخر المواقف المشرفة التي سيحفظها التاريخ للدبلوماسية الجزائرية وجهودها المشرفة والنبيلة ضد محاولات الكيان الرامية إلى تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني في الهيئات الإقليمية والدولية.
أثمرت التحركات الجزائرية دبلوماسياً في الفضاء الأفريقي بالتنسيق مع أحرار القارة من دول عربية وغيرها من الدول الأفريقية، على غرار تونس ومصر وجنوب أفريقيا. كل ذلك لوضع حد للتسلل الواضح والمفضوح للكيان الذي سعى جاهداً لينال صفة غير مستحقة، وبوجود غير مرحب به في القارة السمراء، والهدف الواضح وراء ذلك، هو أن ساسة الكيان يرون في هذه القارة قاعدة دعم دائم لفلسطين في الاجتماعات الأممية وفي جمعياتها المخصصة للقضايا الدولية.
والغريب أن ذلك تم بتواطؤ كان بَطلُهُ المخزن، الذي لم يكتفِ بالتطبيع المخزي، ولم يتوقف عند قبوله إطلاق وزراء في الكيان تهديداتهم العلنية، ومن أرض المغرب، لأرض الشهداء، الأمر الذي سجله التاريخ كسابقة عربية حدثت علناً وبكل عدائية، ليصل الحدّ بالمغرب إلى درجة الاجتهاد لمصلحة الكيان ليكون عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي، فهل هناك خذلان أكثر من هذا؟ ولماذا كل هذه الخدمات والاستقبالات والتسهيلات السريعة لمغتصبي الأرض الفلسطينية وقاتلي الأطفال ومرتكبي المجازر البشعة ضد الإنسانية؟
المواقف الثابتة لأحرار أفريقيا، وعلى رأسها الجزائر، حالت دون إقرار هذا المخطط، ليفشل المتخاذلون بانتصار الدبلوماسية الجزائرية بمعية أحرار القارة الأفريقية، بإقرار الاتحاد الأفريقي طرد ممثل الكيان فوراً ورفض منحه صفة المراقب. وسبق أن شكل الاتحاد الأفريقي لجنة من 7 دول، منها الجزائر وجنوب أفريقيا، التي أقرت إلغاء صفة المراقب وطوت الملف نهائياً.
وبذلك، انتصرت فلسطين العربية بإبقائها قضية مركزية ذات أولوية في المناسبات والمحافل الإقليمية والدولية، ما سيساعد على ضمان الحشد الداعم لحق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
سيكون هذا الانتصار بمنزلة درس قوي لمن ساوموا مع أعداء الشعب الفلسطيني وتفاوضوا معه لمصالح دونية لا تغني ولا تفيد، وليسجل التاريخ عبره بأن الخزي والعار سيكونان حتماً حال كل خائن لقضايا الحق.
وكان الرد واضحاً على من فرحوا بمساعي الكيان للحصول على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي بأن الجزائر لهم بالمرصاد، وهي تتعامل بكل جدية مع مختلف التهديدات المرتقبة في المنطقة، ولديها الجاهزية الدبلوماسية، ومواقفها تلقى استجابة إقليمية ودولية، لأنها مبنية على أسس ومبادئ واضحة وعادلة.
وليطمئن الجميع إلى أن الجزائر لن تتردد في دعم حق الشعوب في الاستقلال والحرية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، وبقناعة مؤكدة بأن أمنية وحلم كل جزائري وكل عربي في رؤية الشعب الفلسطيني حراً في بلاده وبمقدساته من دون وصاية ولا انتقاص من مشروع دولة فلسطين العربية ستتحقق.